مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ثم تتفرع الشهادات قال
الشافعي : قال الله عز وجل : "
ولا يضار كاتب ولا شهيد " فأشبه أن يكون خرج من ترك ذلك ضرارا ، وفرض القيام بها في الابتداء على الكفاية ، كالجهاد والجنائز ورد السلام ، ولم أحفظ خلاف ما قلت عن أحد " .
قال
الماوردي : اختلف أصحاب
الشافعي في تأويل قوله : ثم
تتفرع الشهادات على أربعة أوجه :
أحدها : أنها تتفرع بأن تكون الشهادة في حال من فروض الكفاية عند كثرة العدد ، وفي حال من فروض الأعيان عند قلة العدد ، وقائل هذا الوجه متأول على ما لا يخالف فيه نص مذهبه .
والوجه الثاني : أنها تتفرع بأن يكون فرض تحملها على الكفاية ، وفرض أدائها على الأعيان .
وقائل هذا الوجه متأول له على خلاف مذهبه ، لأن فرض التحمل قد يتعين إذا لم يوجد غير من دعي للتحمل ، وفرض الأداء قد لا يتعين إذا وجد غير من دعي للأداء ، فلم يمتنع في التحمل والأداء من أن ينتقل كل واحد منهما من فرض الكفاية إلى فرض الأعيان ، ومن فرض الأعيان إلى فرض الكفاية ، ولئن كان المتحمل ملتزما لفرض الأداء فليس يمتنع أن لا يتعين عليه الأداء .
الوجه الثالث : أنها تتفرع بأن تكون الشهادة تارة في تصحيح عقد كالنكاح والرجعة ، وتارة في ندب كالبيع ، والإجارة وتارة في وثيقة كالديون .
وقائل هذا الوجه لا يخرج بتأويله عند مذهبه .
فإن كانت
الشهادة في عقد نكاح لا يصح إلا بها وجب على الطالب أن يدعو إليها لتصحيح عقده .
فإذا اقتصر بالشهادة على تصحيح العقد جاز أن يدعو إليها أهل العدالة الظاهرة ، وإن أراد بها مع تصحيح العقد الوثيقة في إثباته عند الحكام دعا إليها أهل العدالة الباطنة ، لأن النكاح يصح بالعدالة الظاهرة ، وثبوته لا يصح إلا بالعدالة الباطنة .
[ ص: 54 ] وأما
المطلوب للشهادة عليه فهو مأمور بالإجابة من وجهين :
أحدهما : في تصحيح العقد بحضوره .
والثاني : في الوثيقة بتحمله ، فإن كان من أهل العدالة الظاهرة تفرد حضوره بتصحيح العقد ، وإن كان من أهل العدالة الباطنة جمع بحضوره بين تصحيح العقد وتحمله ، وإن كانت الشهادة في مندوب إليه كالبيع كان مطلبها مندوبا إليها ، والمطلوب لها مندوبا إلى الحضور ، لأنه في العقد على حكم الطالب ، وفي الوثيقة مخالف لحكم الطالب فيصير داخلا في فرض الوثيقة ، وكان خارجا من فرض العقد . وإذا كانت الشهادة على دين فهي وثيقة محضة طالبها مخير في طلبها ، والمطلوب بها داخل في فرض تحملها .
والوجه الرابع : أنها تتفرع بأن يختلف حكمها بوجود المضارة وعدمها ، ووجود الأعذار وعدمها . وعلى هذا الوجه يكون التفريع .