مسألة : قال
الشافعي ، رضي الله عنه : " وأحب
للإمام أن يصلي بهم حيث هو أرفق بهم " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح ؛ لأن الإمام راع عليهم فينبغي له أن يصلي العيد بهم في أرفق المواضع بهم ، وإذا كان كذلك فلا يخلو حال البلد من أحد أمرين .
إما أن يكون واسع المسجد يسع جميع أهله والصلاة فيه ، مثل
مكة وبيت المقدس فالأولى أن يصلي الإمام بهم في المسجد ؛ لأن
أهل مكة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى اليوم يصلون العيد في مسجدهم ، ولأن المسجد أفضل من الصحراء ولذلك أمر بتحيته ، ولأنه أصون من الأنجاس .
والضرب الثاني من البلاد ما اتسعت وضاق سجاها عن سعة جميعهم ، فهذا الأولى بالإمام أن يصلي بهم العيد في جنابه ومصلاه ، ويستخلف في المسجد من يصلي بضعفة الناس ، وقد روى
أبو سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي الفطر والأضحى في الصحراء طلبا للسعة وقد صار مصلى
المدينة اليوم داخل البلد : لأن العمارة زادت واتصلت حتى غيرت الجبال فصار مصلاهم اليوم في وسطه عند رحبة دار
عبد الرحمن بن عوف ، رضي الله عنه - فإن
لم يقدر الإمام على الخروج إلى المصلى لعذر من مطر أو ريح صلى بالناس في المسجد ، روي أن
أبان بن عثمان ، رضي الله عنه ، صلى الفطر في مسجد في يوم مطير ، فلما فرغ من الصلاة قال
لعبد الله بن عامر : حدث الناس بما حدثتني به عن
عمر ، رضي الله عنه ، فقال
عبد الله : صلى
عمر ، رضي الله عنه ، الفطر في المسجد في يوم مطير .