مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " فإن مات من المنتقص حقوقهم أحد في نصف عمر الذي وقف له إلى أن يبلغ رد حصة الموقف على من معه في الحبس وأعطي ورثة الميت منهم بقدر ما استحق مما رد عليه بقدر حقه . قال
المزني : أصل قول
الشافعي أن المحبس أزال ملك رقبته لله ، عز وجل وإنما يملك المحبس عليه منفعة نفسه لا رقبته كما أزال المعتق ملكه عن رقبة عبده وإنما يملك المعتق منفعة نفسه لا رقبته وهو لا يجيز اليمين مع الشاهد إلا فيما يملكه الحالف ، فكيف يخرج رقبة ملك رجل بيمين من لا يملك تلك الرقبة وهو لا يجيز يمين العبد مع شاهده بأن مولاه أعتقه لأنه لا يملك ما كان السيد يملكه من رقبته فكذلك ينبغي في قياس قوله أن لا يجيز يمين المحبس عليه في رقبته الحبس لأنه لا يملك ما كان المحبس يملكه من رقبته قال
المزني : وإذا لم تزل رقبة الحبس بيمينه بطل الحبس من أصله وهذا عندي قياس قوله على أصله الذي وصفت ولو جاز الحبس على ما وصف
الشافعي ما جاز أن يقر أهله أن لهم شريكا وينكر الشريك الحبس فيأخذون حقه لامتناعه من أن يحلف معهم فأصل قوله أن حق من لم يحلف موقوف حتى يخلف له وارثه إن مات يقوم مقامه ولا يأخذ من حق أقر به لصاحبه شيئا لأن أخذه ذلك حرام " .
قال
الماوردي : والمسألة مصورة في
الوقف المشترك إذا وقف سهم من حدث على يمينه بعد الشاهد ، فمات بعض أهله ، وهو على ضربين :
أحدهما : أن يموت بعض من حلف ، كأنه وقف سهم رابع حادث ، فمات أحد الإخوة الثلاثة الذين حلفوا بعد أن مضى للصبي الحادث الموقوف سهمه نصف عمر الصغير ، وهو سبع سنين ونصف ، لأن مدة الصغر من وقت الولادة إلى زمان البلوغ وذلك خمس عشرة سنة ، فيوقف للحادث بعد موت أحد الثلاثة بعد أن كان الموقف له
[ ص: 97 ] الربع ، لأنه كان قبل موت أحد الثلاثة واحدا من أربعة ، فكان نصيبه الربع ، وصار بعد موت الثالث واحدا من ثلاثة ، فصار نصيبه الثلث ، فإن بلغ الحادث ، وحلف استحق جميع ما وقف له من الربع في النصف الأول من عمر صغره ، والثلث في النصف الثاني من عمر صغره .
وإن نكل عن اليمين سقط حقه من الوقف ، ورد الربع الموقوف في الأول على الأخوين الباقيين وعلى ورثة الميت الثالث ، ورد الثلث الموقوف في الآخر على الأخوين خاصة دون ورثة الثالث ، لأن الميت يستحق استرجاع ما وقف في حياته ، ولا يستحق استرجاع ما وقف بعد موته .