مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ويحلف الرجل في حق نفسه ، وفيما عليه بعينه على البت ، مثل أن يدعى عليه براءة من حق له ، فيحلف بالله إن هذا الحق - ويسميه - لثابت عليه ، ما اقتضاه ولا شيئا منه ، ولا مقتضى بأمر يعلمه ، ولا أحال به ، ولا بشيء منه ، ولا أبرأه منه ، لا من شيء منه بوجه من الوجوه ، وإنه لثابت عليه إلى أن حلف بهذا اليمين ، وإن كان حقا لأبيه حلف في نفسه على البت ، وفي أبيه على العلم " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح إذا أراد الحاكم استيفاء يمين توجهت على خصم
[ ص: 118 ] في إثبات أو نفي اشتمل شرطها المعتبر في إجزائها وانبرام الحكم بها على فصلين : أحدهما : شرطها في العلم والبت .
والثاني : شرطها في الإثبات والنفي .
فأما الفصل الأول ، وهو
شرطها في الحلف بها على العلم والبت ، فاليمين على ضربين :
أحدهما : أن تكون على إثبات .
والثاني : أن تكون على نفي .
فإن كانت على إثبات ، فهي على البت والقطع ، سواء أثبت بها الحالف ما حدث عن فعله أو ما حدث عن فعل غيره .
والحادث عن فعله أن يقول قطعا باتا : والله لقد بعتك داري ، أو اشتريت دارك ، أو أجرتك عبدي ، أو استأجرت عبدك ، أو أقرضتك ألفا ، أو اقترضت مني ألفا ، سواء أضاف ذلك إلى نفسه ، أو إلى خصمه ، لأنه بها تم ، فصار حادثا عن فعله .
وأما الحادث عن فعل غيره ، فهو أن يقول : والله لقد اشترى منك أبي دارك ، أو اشتريت من أبي داره ، أو لقد استأجر منك أبي عبدك ، أو استأجرت من أبي عبده ، أو لقد أقرضك أبي ألفا ، أو لقد اقترضت من أبي ألفا ، فتكون يمين الإثبات لفعله ، وفعل غيره على البت ، والقطع في الحالتين معا ، لأنه على إحاطة علم بفعله ، وما ادعى فعل غيره إلا بعد إحاطته بفعله .