فصل : فإذا ثبت بما ذكرنا أن
اليمين المستحقة في النفي والإثبات ، هي التي يستوفيها الحاكم على الحالف ، فمن صفته في أخذها عليه أن يأمره بها ، فصلا بعد فصل ، يقول الحالف في كل فصل منها مثل ما يأمره الحاكم على سواء ، لأن يمينه محمولة على اجتهاد الحاكم ، فلم يجز للحاكم أن يفوضها إليه ، فتكون مردودة إلى اجتهاده ، فتصير محمولة على نيته لا على نية مستحلفه ، فإن فوضها الحاكم إليه ، فاستوفاها الحالف على نفسه كان الحاكم مقصرا في حق المستحلف .
وفي إجزاء اليمين وجهان محتملان :
أحدهما : تجزئ فيما يجب بها من نفي وإثبات ، لأنها باجتهاد الحاكم ، وعن أمره .
والوجه الثاني : لا تجزئ ، لأنها تصير محمولة على نية الحالف ، وهي مستحقة على نية المستحلف ، فكانت غير المستحقة .
وإذا أخذها الحاكم على الحالف ، فقال بعد يمينه : " إن شاء الله " أعادها عليه ، لأن الاستثناء بمشيئة الله تعالى يرفع حكمه ، وكذلك لو علقها بشرط أو وصلها بكلام لم يفهمه الحاكم أعادها عليه ، وهكذا لو قطعها الحالف أو أدخل في إثباتها ما ليس منها أعادها الحاكم عليه من أولها إلى آخرها ، وزجره عليه إن عمد حتى تخلص اليمين من استثناء يرفعها أو شرط يفسدها ، أو إدخال كلام يقطعها ، أو سكوت يبطل ما تقدمها .