مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : ولو قال أحلفه ما اشتريت هذه الدار التي في يديه ، لم أحلفه إلا ما لهذا ، ويسميه في هذه الدار حق بملك ولا غيره بوجه من الوجوه ، لأنه قد يملكها وتخرج من يديه " .
قال
الماوردي : وهذه المسألة قد مضى نظائرها في جملة ما تقدم من قبل . وقلت : فإذا
ادعى رجل على رجل دارا في يديه أنه اشتراها منه ، لم يخل حال المدعى عليه في الإنكار من أن يقول : ما له فيها حق ، أو يقول : ما اشتراها مني .
فإن كان جواب إنكاره أنه ما له فيها حق تمليك ، ولا غيره كان جوابه مقنعا ،
[ ص: 137 ] وأحلف بمثله ، ولم يحلف أنه ما اشتراها منه ، لأنه قد يجوز أن يبيعها عليه ، ويبتاعها منه ، فيجب أن يحلف : ما اشتراها ، وإن كان مالكا لها ، وإذا كان كذلك ، حلف ، فقال : والله ما لهذا ويسميه ، وتسميته استظهار ، وليست بواجبة ، لأن الإشارة إليه تغني عن تسميته : ما له في هذه الدار حق بملك ، ولا غيره بوجه من الوجوه ، وهذا تأكيد . ولو اقتصر على أن ما له في هذه الدار حق أجزأ ، لأنه يعم الملك وغيره من جميع الوجوه . وإن كان جواب المنكر مقابلا لدعوى المدعي ، فقال : ما اشتراها مني . ففي يمينه وجهان :
أحدهما : أنه يحلف على مثل ما تقدم ، أنه ما له في هذه الدار حق استظهارا من أن يكون قد ملكها بعد البيع .
والوجه الثاني : بل يكون يمينه موافقة لجواب إنكاره ، لأن هذا الاحتمال قد ارتفع بقوله : ما اشتراها منه ، فعلى هذا يحلف بالله أنه ما اشتراها منه . ولا شيئا منها ، ولا اشتريت له ، ولا شيء منها .
ولو حلف بالله ما باعها عليه ، ولا شيئا منها ، ولا باعها على أحد اشتراها له ، ولا شيئا منها ولا باعها عليه أحد من جهته ، ولا شيئا منها أجزأ لأن نفي الشراء موجب لنفي البيع ، ونفي البيع موجب لنفي الشراء ، فقام نفي كل واحد منهما مقام نفي الآخر .
وفي أولاهما باليمين وجهان محتملان :
أحدهما : أن الأولى أن يحلف ما اشتراها منه ، لأنها مقابلة للدعوى .
والوجه الثاني : بل الأولى أن يحلف ما باعها عليه ، لأنها أخص بنفي فعله .