صفة العدل والفاسق
فصل : فإذا تقرر فرق ما بين العدل والفاسق ، وجب العدول إلى
صفة العدل وإلى صفة الفاسق ، ليكون من وجدت فيه العدالة مقبولا ، ومن وجد فيه الفسق مردودا ، فالعدل في الشهادة من تكاملت فيه ثلاثة خصال :
إحداهن : أن يكون من أهلها ، وذلك بثلاثة أمور : أن يكون مكلفا ، حرا ، مسلما .
وليس عدم التكليف والحرية موجبا لفسقه وإن كان وجودهما شرطا في عدالته .
والخصلة الثانية : كمال دينه ، وذلك بثلاثة أمور :
أن يكون محافظا على طاعة الله تعالى في أوامره مجانبا لكبائر المعاصي غير مصر على صغائرها .
والكبائر : ما وجبت فيها الحدود وتوجه إليها الوعيد .
والصغائر : ما قل فيها الإثم .
قال الله تعالى :
إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم [ النساء : 31 ] .
وقال الله تعالى :
الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم [ النجم : 32 ] .
وفي هذه الكبائر لأهل التأويل أربعة أقاويل :
أحدها : ما زجر عنه بالحد .
[ ص: 150 ] والثاني : ما لا يكفر إلا بالتوبة .
والثالث : ما رواه
شرحبيل عن ابني
مسعود قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925662سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكبائر ، فقال : أن تدعو لله ندا وهو خلقك ، وأن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك ، وأن تزني بحليلة جارك
والرابع : ما روى
سعيد بن جبير أن رجلا سأل
ابن عباس : كم الكبائر ؟ أسبع هي ؟ قال : هي إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبع . لا كبيرة مع استغفار ، ولا صغيرة مع إصرار . فكان يرى كبائر الإثم ما لم يستغفر الله عنه إلا بالتوبة .
وأما الفواحش ففيها قولان :
أحدهما : أنها الزنى .
والثاني : أنها جميع المعاصي .
وأما اللمم ففيه أربعة أقاويل : -
أحدها : أن يعزم على المعصية ثم يرجع عنها قد روى
عمرو بن دينار ، عن عطاء ، عن
ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=925663إن تغفر اللهم ، تغفر جما وأي عبد لك لا ألما " .
والثاني : أن يلم بالمعصية يفعلها ثم يتوب عنها ، قاله الحسن ومجاهد .
والثالث : أن اللمم ما لم يجب عليه حد في الدنيا ، ولم يستحق عليه في الآخرة عقاب . قاله مجاهد .
والرابع : أن اللمم ما دون الوطء من القبلة والغمزة ، والنظرة ، والمضاجعة . قاله
ابن مسعود .
وروى
طاوس عن
ابن عباس قال : ما رأيت أشبه باللمم من قول
أبي هريرة رضي الله عنه : عن النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925664كتب الله على كل نفس حظها من الزنى أدرك ذلك لا محالة ، فزنا العينين النظر ، واللسان النطق ، هي النفس تمنى وتشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه .