الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولا يقبل الشاهد حتى يثبت عنده بخبر منه أو بينة أنه حر " .

قال الماوردي : وقد تقرر بما ذكرنا أن العدالة في الشهادة معتبرة بثلاثة أشياء :

بدينه ، ومروءته ، وأن يكون من أهلها .

فأما اعتبارها بدينه ، فيكون بثلاثة أشياء :

أحدها : أن يواظب على فعل الطاعات في العبادات والمعاملات .

والثاني : أن يجتنب كبائر الإثم والمعاصي من الزنى واللواط والقتل والغصب والسرقة وشرب الخمر .

والثالث : أن لا يصر على صغائر المعاصي ، وإصراره عليها الإكثار منها وقلة الانقباض عنها ، وهذا معتبر فيه باطنا وظاهرا ، وثبوته عند الحاكم قد يكون من وجهين :

أحدهما : أن يعلمه من حاله ، فيجوز أن يعمل فيه بعلمه سواء قيل للحاكم أن يحكم بعلمه أم لا . لأنها صفة إخبار تتقدم على الحكم .

والثاني : أن يجهل حاله فتثبت عدالته بالبينة العادلة على ما وصفنا في أدب القاضي . من أهل المعرفة الباطنة به .

ولا يجوز أن يحكم بعدالته بقوله : إنني عدل ، ويجوز أن يحكم بفسقه بقوله : إني فاسق . لأنه متهوم في التعديل وغير متهوم في الجرح ، لأن العدالة توجب له حقا ، والفسق يوجب عليه حقا .

التالي السابق


الخدمات العلمية