القول في
شهادة المخالف .
فصل : وأما المخالف ، فعلى ضربين :
أحدهما : أن يخالف في العمل .
والثاني : في المعتقد .
فأما
المخالف في العمل ، فهو أن يعتقد ما لا يعمل به ، فإن كان في مباح ، فهو على عدالته ، وإن كان في واجب ، فسق به وخرج عن عدالته ، لأنه تعمد المعصية بترك ما اعتقد وجوبه ، ويكون كالعمل بما اعتقد تحريمه .
[ ص: 170 ] وأما
المخالف في المعتقد ، فمختلف الحكم بخلافه فيما انعقد عليه الدين ، والدين منعقد على فروع وأصول .
فالأصول ، ما اختص بالتوحيد والنبوة ، والفروع ما اختص بالتكليف والتعبد ، وللأصول فروع ، وللفروع أصول .
فأما أصول الأصول ، فما اختص بإثبات التوحيد وإثبات النبوة . وفروعه ما اختص بالصفات وأعلام النبوة .
وأصول الفروع ما علم قطعا من دين الرسول صلى الله عليه وسلم ، وفروعه ما عرف بغير مقطوع ، فأما
المخالف في أصول التوحيد والنبوة ، فمقطوع بكفره ، ويخرج من انطلاق اسم الإسلام عليه ، وإن تظاهر به ، فلا تثبت له عدالة ، ولا تصح له ولاية ، ولا تقبل له شهادة .
وأما
المخالف في فروع الأصول من الصفات وأعلام النبوة ، فإن رده خبر مقطوع بصدقه من قرآن أو سنة وأثر ، كان مخالفه كافرا ، لا تثبت له عدالة ، ولا تصح له ولاية ، ولا تقبل له شهادة ، كذلك ما ردته العقول ، واستحال جوازه فيها ، وما لم يرده خبر مقطوع بصدقه ، ولا عقل يستحيل به - نظر ، فإن اتفق أهل الحق على تكفيره به ، سقطت عدالته ، ولم تصح ولايته ، ولم تقبل شهادته ، وإن اختلف أهل الحق في تكفيره به ، فهو على العدالة وصحة الولاية وقبول الشهادة .
فهذا أصل مقرر في الأصول ، يغني عن ضرب مثل وتعيين مذهب .