فصل : والضرب الثاني :
أن لا يعتقد بتصديق موافقيه على مخالفيه ، ويتحفظ في الشهادة لهم وعليهم ، حتى يعلمها من الوجه الذي يجوز أن يشهد بها ، فهم أسلم أهل الأهواء طريقا ، وهم صنفان :
صنف يرون تغليظ المعاصي ، فيجعلها بعضهم شركا ، ويجعلها أهل الوعيد خلودا .
وصنف يرون تخفيف المعاصي في إرجائها وتفويضها .
وكلا الصنفين في العدالة وقبول الشهادة سواء .
وقال
الشافعي رضي الله عنه : وشهادة من يرى كذبه شركا بالله ، ومعصية تجب بها النار - أولى أن تطيب النفس بقبولها من شهادة من يخفف المأثم ، ولم يرد أنها أولى من
[ ص: 176 ] شهادة أهل الحق فيها ، يعني أن شهادة من يغلظ المعاصي من هذين الصنفين - أولى أن تطيب النفس بها من شهادة من يخففها .
فصار هذا التفصيل مفضيا إلى
قبول شهادة أهل الأهواء والبدع لستة شروط :
أحدها : أن يكون ما انتحلوه بتأويل سائغ .
والثاني : أن لا يدفعه إجماع منعقد .
والثالث : أن لا يفضي إلى القدح في الصحابة .
والرابع : أن لا يقاتل عليه ولا ينابذ فيه .
والخامس : أن لا يرى تصديق موافقه على مخالفه .
والسادس : أن تكون أفعالهم مرضية ، وتحفظهم في الشهادة ظاهر ، فهذا حكم ما تعلق بالآراء والنحل .