القول في
الأشربة التي لا تسكر وشهادة شاربها :
فصل : وأما ما لا يسكر من الأنبذة والأشربة كالفقاع والقارص ، فمباح لا ترد به الشهادة .
[ ص: 186 ] وحكي عن
جعفر بن محمد وطائفة من الشيعة وربما عزي إلى
أبي حنيفة أن شرب الفقاع والقارص حرام .
لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=925682كل مخمر خمر " .
وروي أن
عليا عليه السلام مر على بائع فقاع ، فقال : من خمار ما أوقحك .
وهذا تأويل انعقد الإجماع على خلافه ، ووردت السنة برده .
وروي عن
عائشة رضي الله عنها أنها قالت : "
كنا ننبذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم على غذائه ، فيشربه على عشائه ، ونبذ له على عشائه ، فيشربه على غذائه " .
وقال
عمر رضي الله عنه : إنا لنأكل من هذه الأطعمة الغليظة ، ونشرب عليها من هذه الأنبذة الشديدة ، فنقطعها في أجوافنا . يعني قبل أن يسكر .
ولأن
علة التحريم السكر ، فما لم يسكر لم يحرم كسائر الأشربة .
والاستدلال بالخبر محمول عليه .
ولو كان الفقاع حراما عند
علي ، عليه السلام لأظهر من الإنكار والمنع ، ما يجب بإظهار المنكر ، ولما اقتصر على هذا القول مع الإقرار عليه .
وأما ما ذكره من المنصف والخليطان ، فقد اختلف في صفتها على قولين :
أحدهما : أن المنصف ما طبخ حتى ذهب نصفه ، والخليطان خليط البسر بالرطب .
والثاني : أن المنصف ما ينصف من تمر وزبيب ، والخليطان خليط البسر بالرطب ، وإن كان هذا مسكرا فهو حرام ، وإن لم يسكر ، ففي كراهته وجهان :
أحدهما : لا يكره كما لا تكره سائر الأشربة التي لا تسكر .
والوجه الثاني : أنه يكره وإن لم يكره غيرها . لورود الشرع بالنهي عنها . والفرق بينهما وبين غيرها من وجهين :
أحدهما : إسراع الإدراك إليها قبل غيرها .
[ ص: 187 ] والثاني : إسكارها مع بقاء حلاوتها ، وإسكار غيرها مع حدوث مرارتها . ولا ترد شهادة شاربها كرهت أم لم تكره .