[ القول في العداوة ] .
فصل : وأما الفصل الرابع : في العداوة :
والفرق بين البغض والعداوة ، أن البغض بالقلب ، والعداوة بالعمل ، ومع كل عداوة بغض وليس مع كل بغض عداوة ، فصارت العداوة أغلظ من البغض ، فهي على ثلاثة أضرب : مستحبة ، ومباحة ، ومكروهة .
فأما المستحبة : فهي في الدين ، لمن خرج عن طاعة الله أو تعرض لمعاصيه .
وهذا غضب لله تعالى في حقوق أوامره ونواهيه ، فخرج عن حكم العداوة إلى نصرة الدين ، فكان أبلغ في عدالته ، وأولى بقبول شهادته ، لأن من غضب لله في معصية غيره ، كان بدفع المعصية عن نفسه أولى .
وأما المباحة : فهي في حق نفسه ، إذا بدء بالعداوة ، فقابل عليها بما لم يتجاوز فيه حكم الشرع ، فهو مستوف لحقه منه ، غير قادح في عدالته ، لقوله تعالى : "
وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به " [ النحل : 126 ] .
وشهادته مقبولة على غيره ، فأما قبولها على عدوه فمعتبرة بحاله بعد المقابلة فإن سكن بعد نفوره ، قبلت شهادته ، وإن كان على نفوره ، ردت .
وأما المكروهة : فهو أن يبتدئ بها من غير سبب " بوجوبها " ، فيكون بها متجوزا ، فإن قرنها بفحش في قول أو فعل ، صار بها مجروحا في حق الكافة ، لا تقبل شهادته لأحد ولا عليه ، وإن تجردت عن فحش من قول أو فعل ، فهو على عدالته مقبول الشهادة ، على غيره ومردود الشهادة على عدوه ، ومقبول الشهادة لعدوه .