[ القول في شهادة المحدود ] .
مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " والمحدود فيما حد فيه " .
قال
الماوردي : وهذا أراد به
مالكا ، فإنه يقول : من حد في معصية لم تقبل شهادته فيما حد فيه ، وقبلت في غيره ، فلا تقبل
شهادة المحدود في الزنا إذا شهد بالزنا ، ولا
المحدود في الخمر إذا شهد في الخمر ، ولا المقطوع في السرقة إذا شهد بالسرقة .
استدلالا بأنها استرابة يقتضي الدفع عن الشهادة ، لقوله تعالى :
ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا [ البقرة : 282 ] .
وبقول
عمر رضي الله عنه في عهده
لأبي موسى الأشعري : المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا في حد ، أو مجربا عليه شهادة زور ، أو ظنينا في ولاء ، أو نسب .
وتعلقا بما روي عن
عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال : ود السارق أن يكون الناس سراقا وود الزاني أن يكون الناس زناة ، وإنما كان كذلك لينفي المعرة عن نفسه بمشاركة غيره .
[ ص: 212 ] وهذا قول فاسد . وشهادته إذا تاب مقبولة بقوله تعالى :
والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا [ النور : 4 ، 5 ] .
وقد وافق
مالك على أن
شهادة القاذف إذا تاب بعد حده ، أن شهادته مقبولة في القذف وغيره . وكذلك حكم من حد في غيره .
وتحرير هذا الاستدلال قياسا ، أن من قبلت شهادته في غير ما حد فيه ، قبلت فيما حد فيه كالقاذف .
وليس للتعليل بالارتياب وجه ، لأنه لو صح لعم ولم يخص .
ولا دليل فيما روي عن
عمر وعثمان ، لتوجهه إلى ما قبل التوبة ، فلم يحمل على ما بعدها والله أعلم .