[ القول في شهادة أهل القرى والبوادي بعضهم على بعض ] .
مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " والقروي على البدوي والبدوي على القروي إذا كانوا عدولا " .
قال
الماوردي : إذا كان البدوي عدلا قبلت شهادته على القروي ، كما تقبل
شهادة القروي على البدوي .
وقال
مالك : أقبل شهادة القروي على البدوي ، ولا أقبل
شهادة البدوي على القروي . إلا في الجراح .
استدلالا برواية -
عطاء بن يسار ، عن
أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=925722لا أقبل شهادة البدوي على صاحب قرية " .
ولأن ما خرج عن العرف ريبة في الشهادة لقوله تعالى :
ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا [ البقرة : 282 ] . والعرف جار بأن البدوي يشهد للقروي ، ولم يجر العرف بإشهاد القروي للبدوي ، فصار بخروجه عن العرف متهوما ، ودليلنا
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل شهادة الأعرابي في هلال رمضان وصام ، وأمر الناس بالصيام .
ولأن
اختلاف الأوطان لا تؤثر في قبول الشهادة كأهل الأمصار والقرى .
ولأن الشـهادة في الجراح أغلظ منها في الأموال ، فلما قبلت شهادة البدوي على القروي في الجراح ، كان أولى أن تقبل في غير الجراح .
[ ص: 213 ] وتحريره قياسا ، أن من قبلت شهادته في الجراح ، قبلت في غير الجراح كالقروي .
ولأن أهل البادية أسلم فطرة وأقل حياء ، فكان الصدق فيهم أغلب ، فاقتضى أن يكونوا بقبول الشهادة أجدر .
وأما الجواب عن الخبر ، فراويه
علي بن مسهر . وهو ضعيف ، وإن صح ، فهو محمول على أحد وجهين :
إما على الجهل بعدالته لخفاء أحوال أهل البادية ، وإما على بدوي بعينه علم جرحه .
وأما الجواب عن اعتبار العرف . في الإشهاد ، فهو فاسد بأهل الأمصار والقرى ، فإن العرف جار بأن أهل القرى يشهدون أهل الأمصار ، ولا يشهد أهل الأمصار أهل القرى ، وهذا العرف غير معتبر ، وكذلك في البادية والحاضرة . والله أعلم .