فصل : وإذا
دعي المتحمل للشهادة ، إلى أدائها عند الحاكم وهو ممن يصح منه الأداء ، فامتنع وقال : إني أخاف أن لا يقبل الحاكم شهادتي ، لم يكن ذلك عذرا في امتناعه ، ولزمه الأداء وللحاكم اجتهاده في القبول أو الرد .
ولو امتنع عن الأداء وقال : ليس الحاكم عندي مستحقا للحكم ، إما لفسق أو جهل ، لزمه الأداء ، وليس للشاهد اجتهاد في صحة التقليد وفساده .
وقال
أحمد بن حنبل : لا يلزمه أداء الشهادة إذا اعتقد فساد تقليده بفسق أو جهل ، وإنما تلزمه الشهادة عند من يرتضي من الحكام ، كما يلزم الحاكم قبول شهادة من يرتضي من الشهود .
[ ص: 215 ] وحكي أن
أحمد لزمته شهادة ، فدعي إلى أدائها عند بعض الحكام ، فامتنع .
وقال : إن القاضي ليس برضى ، فقال الداعي : يتلف علي مالي .
فقال
أحمد : ما أتلفت عليك مالك ، الذي ولى هذا القاضي أتلف عليك مالك .
وليس لهذا القول وجه : لأن المقصود بالشهادة وصول ذي الحق إلى حقه ، فلم يفترق في وصوله إليه حقه بين صحة التقليد وفساده .
فإن دعي الشاهد إلى أداء شهادة عند أمير أو ذي يد ، فإن كان ممن يجوز له إلزام الحقوق والإجبار عليها ، لزم أداء الشهادة عنده ، وإن كان ممن لا يجوز له ذلك ، ولا يصح منه ، لم يلزمه أداؤها عنده والله أعلم .