فصل : وأما الفصل الثاني : في
صفة الزنا .
فلا يقتنع من الشهود أن يشهدوا بالزنا حتى يصفوه ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم "
nindex.php?page=hadith&LINKID=925724العينان تزنيان وزناهما النظر واليدان تزنيان وزناهما البطش والرجلان تزنيان وزناهما المشي ويصدق ذلك ويكذبه الفرج " .
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم استثبت
ماعزا بعد إقراره بالزنا فقال
" لعلك قبلت لعلك لمست "
قال : فعلت ، بصريح اللفظ دون كنايته .
فإذا لزم ذلك في المقر كان في الشاهد أحق .
[ ص: 239 ] فإذا
شهد أربعة على رجل بالزنا سألهم الحاكم : كيف زنى ؟ ولم يحده قبل صفة الزنا .
ولأن
عمر رضي الله عنه سأل من شهد على
المغيرة بالزنا : كيف زنى ؟ فقال
أبو بكرة مع
شبل بن معبد ونافع : رأينا ذكره يدخل في فرجها كدخول المرود في المكحلة .
وعرض
زياد ، وهو الرابع فقال رأيت بطنه على بطنها ، ورأيت أرجلا مختلفة ونفسا يعلو واستا تنبو ، فقال
عمر : رأيت ذكره في فرجها ؟ فقال : لا ، فقال
عمر : الحمد لله قم يا أرخى اجلد هؤلاء الثلاثة .
فجلدهم حد القذف ، فلم يجلد
المغيرة ، لأن الشهادة عليه لم تكمل ، ولم يجلد
زيادا للقذف ، لأنه عرض لم يصرح به .
فإذا كان كذلك ، اعتبر ما وصفه الشهود .
فإن صرحوا بدخول ذكره في فرجها ، كملت بهم الشهادة ، وحد المشهود عليه حد الزنا ، وسلم الشهود من حد القذف .
وإن لم يصرحوا جميعا بدخول ذكره في فرجها ، فلا حد على الشهود عليه ، فأما الشهود ، فإن قالوا في أول الشهادة : إنه زنى ووصفوا ما ليس بزنا ، حدوا حدا واحدا . لأنهم قد صرحوا بالقذف ولم يشهدوا بالزنا .
وإن لم يقولوا في أول الشهادة أنه زنى وشهدوا عليه بما ليس بزنا ، لم يحدوا قولا واحدا .
وإن وصف ثلاثة منهم الزنا ، ووصف الرابع ما ليس بزنا ، لم يحد المشهود عليه ، لأن البينة بالزنا لم تكمل ، وفي حد الثلاثة الذين وصفوا الزنا قولان :
أحدهما : يحدون لأن
عمر رضي الله عنه حدهم لأنهم صاروا قذفة .
والقول الثاني : لا يحدون ، لأنهم قصدوا الشهادة بالزنا ولم يقصدوا المعرة بالقذف .
فإن قيل بوجوب الحد عليهم لم تقبل شهادتهم حتى يتوبوا ، وقبل خبرهم قبل التوبة ، لأن
أبا بكرة حين حد قال له
عمر : تب أقبل شهادتك ، فامتنع وقال : والله لقد زنى
المغيرة ، فهم بجلده مرة ثانية ، فقال له
علي عليه السلام : إنك إن جلدته رجمت
[ ص: 240 ] صاحبك ، يعني أنك إن جعلت هذا غير الأول ، فقد كملت به الشهادة ، فأرجم
المغيرة ، وإن كان هو الأول ، فقد جلدته .
وكان
أبو بكرة بعد ذلك يقبل خبره ، ولا تقبل شهادته .
وأما الرابع الذي وصف ما ليس بزنا فينظر في شهادته : فإن قال : إنه زنا ، ثم وصف ما ليس بزنا حد قولا واحدا .
وإن لم يقل زنا ، ووصف ما ليس بزنا فلا حد عليه قولا واحدا .