[ القول في رجوع الشهود بعد استيفاء الحق ] .
فصل : وأما الحال الثالثة : وهو أن
يرجع الشهود بعد نفوذ الحكم واستيفاء الحق ، فالحكم على نفاذه لا ينقض برجوع شهوده بعد استيفاء الحق ، وهو قول جمهور الفقهاء .
وحكي عن
سعيد بن المسيب ،
والأوزاعي أن الحكم ينقض برجوعهم ، لأنهم بالرجوع غير شهود .
وهذا فاسد من وجهين :
أحدهما : أن الرجوع مخالف للشهادة ، فلا يخلو أحدهما من الكذب ، فصار كل واحد من الشهادة والرجوع محتملا للصدق والكذب ، وقد اقترن بالشهادة حكم واستيفاء فلم يجز نقضها برجوع محتمل .
والثاني : أن الشهادة إلزام والرجوع إقرار بدليل أنه وارد بغير لفظ الشهادة
[ ص: 256 ] والإقرار لازم في حق المقر دون غيره ، فلم يجز أن ينقض به الحكم ، لأنه يصير إقراره إلزاما لغيره ، وهو موجب أن يعود عليه لا على غيره .
فإذا ثبت أنه لا ينقض به الحكم بعد استيفاء الحق ، انتقل الكلام إلى
ما يلزم الشهود برجوعهم ، وهو مختلف باختلاف الحق المستوفى ، وينقسم إلى ثلاثة أقسام :
أحدهما : أن يكون إتلافا يختص بالأبدان .
والثاني : أن يكون إتلافا يختص بالأحكام .
والثالث : أن يكون إتلافا يختص بالأموال .