فصل : وإذ قد ذكرنا دلائل من أثبت الغرم ونفاه ، فالذي أراه أولى من إطلاق هذين المذهبين أن الشهادة بهذا الطلاق الكاذب يوجب تحريمها في الظاهر دون الباطن ، ويجوز لهما الاجتماع بعدها فيما بينهما وبين الله تعالى ، على أصل مذهبنا في أن حكم الحاكم في الظاهر لا يحيل الأمور عما هي عليه في الباطن ، وإن خالفنا
أبو حنيفة .
[ ص: 263 ] فاقتضى من مذهبنا أن ينظر في حال الزوج ، فإن وصل إلى الاستمتاع بزوجته بمساعدتها له على ما أباحها الله تعالى في الباطن ، فلا رجوع للزوج بمهرها على الشهود إذا رجعوا ، لئلا يجمع بين الاستباحة والرجوع بالمهر .
وإن لم يصل إلى الاستمتاع بها ، لامتناعها عليه تمسكا بظاهر التحريم ، رجع على الشهود بمهرها لتفويتهم عليه بضعها .
ويتفرع على هذا أن
يشهد شاهدان على رجل بقذف امرأته بالزنا فيلاعن الحاكم بينهما ، ثم يرجع الشاهدان ، واللعان في الظاهر على نفاذه في وقوع الفرقة وتحريم الأبد ، فأما نفوذه في الباطن فمعتبر بحال الزوج ، فإنه أمن حد القذف حين لاعن باختياره ، فلا رجوع له على الشهود لوقوع الفرقة بلعانه "
وإن خاف من حد القذف ، لم تقع الفرقة في الباطن ولا رجوع له على الشهود إن أمكنته من نفسها ، ويرجع عليهم إن منعته والله أعلم .