فصل : فإذا ثبت وجوب الغرم على
الشهود إذا رجعوا في الطلاق ، فهو على ضربين :
أحدهما : أن يكون الطلاق ثلاثا .
والثاني : دون الثلاث .
فإن كان ما شهدوا به من الطلاق فعلى ضربين :
أحدهما : أن يكون بعد الدخول : فعليهم ضمان جميع المهر يقسط بينهم على أعدادهم ، فإن شهد به اثنان ، كان على كل واحد منهما نصفه ، وإن شهد به ثلاثة ، كان على كل واحد منهم ثلثه .
والضرب الثاني : أن تكون شهادتهم بالطلاق قبل الدخول ، فقد اختلفت الرواية عن
الشافعي في قدر ما يلزم الشهود :
فروى عنه
المزني أن عليهم ضمان جميع المهر .
وروى عنه
الربيع أن عليهم ضمان نصفه ، واختاره
المزني .
فاختلف أصحابنا في اختلاف ما نقلاه ، فخرجه أكثرهم على قولين :
أحدهما : عليهم نصف المهر ، وهو مذهب
أبي حنيفة لأمرين :
أحدهما : لأنه قدر ما التزم .
[ ص: 264 ] والثاني : أنه قد رجع على الزوجة بنصفه ، فلو رجع على الشهود بجميعه لصار إليه مهر ونصف ، وهو لا يستحق أكثر من المهر ، فعلى هذا عليهم نصف مهر المثل ، لأنه قيمة المتلف .
وقال
أبو حنيفة : نصف المهر المسمى اعتبارا بما غرم .
والقول الثاني : يلزمهم جميع مهر المثل لأمرين :
أحدهما : أنهم قد أحالوا بينه وبين ما ملكه من جميع البضع ، فوجب أن يرجع عليهم بجميع مهرها كما يرجع به لو دخل بها .
والثاني : أنه لما رجع بجميع المهر إذا استمتع بها ، كان أولى أن يرجع بجميعه إذا لم يستمتع بها
فعلى هذا ، إن كان الصداق قد ساقه إليها لم يرجع عليها بنصفه ، لأنه لا يدعيه .
وإن لم يسقه إليها لم يلزمه إلا نصفه ، وإن اعترف لها بجميعه لأجل منعه منها .
وامتنع بعض أصحابنا من تخريج الرجوع على قولين ، وحملوا ما رواه من أوجب جميع المهر على الزوج إذا ساق جميع المهر إليها ، لأنه خرج عن يده جميع المهر ، فرجع عليهم بجميع المهر .
وهذه الطريقة عندي أولى عندي من تخريج القولين ، لأن ما أمكن حمله على الاتفاق كان أولى من حمله على الاختلاف .