فصل : وإن كان
ما شهدوا به من الطلاق أقل من الثلاث فهو على ضربين :
أحدهما : أن يكون قبل الدخول ، فيوجب الضمان على الشهود إذا رجعوا كما يوجبه طلاق الثلاث ، لأنها تبين بالواحدة كما تبين بالثلاث .
والضرب الثاني : أن يكون بعد الدخول ، فهو على ضربين :
أحدهما : أن لا تبين بالواحدة لأنه لم يتقدم منه طلاق ، فلا شيء على الشهود إذا رجعوا ، لأن الزوج يقدر على استباحتها بالرجعة .
والضرب الثاني : أن تبين بالواحدة التي شهدوا بها وهو على ضربين :
أحدهما : أن يكون ذلك في خلع تبين فيه بالواحدة ورجع الشهود عنه فعلى ضربين :
أحدهما : أن تكون الشهادة على الزوجة لإنكارها عقد الخلع ، فقد ألزموها العوض ، ولا يكون الطلاق بدلا منه في حقها ، فلها الرجوع عليهم بما أغرموها .
والضرب الثاني : أن تكون الشهادة على الزوج لإنكارها عقد الخلع ، فقد كانوا
[ ص: 265 ] ألزموه بالطلاق بما أوجبوه له من العوض وهو مستحق له ، وإن لم يدعه ، لحقه في بضعها ، فإذا لم يصل إليه ، كان له الوصول إلى بدله ، وإذا كان كذلك نظر .
فإن كان العوض بقدر مهر المثل لم يرجع على الشهود بشيء ، لوصوله إلى المهر من جهة الزوجة .
وإن كان
العوض أقل من مهر المثل ، يرجع على الشهود بالباقي من مهر المثل ليستكمله من الشهود والزوجة .
ومثله أن
يشهدوا بشفعته في مبيع وينتزع من مشتريه بثمنه ثم يرجع الشهود عما شهدوا به من ملك الشفيع ، فإن كان الثمن مثل قيمة الملك لم يضمنوا ، وإن كان أقل من قيمته ضمنوا فاضل القيمة .
وهكذا لو شهدوا على رجل أنه باع فانتزع منه ما شهدوا به من الثمن ثم رجعوا إن كان الثمن مثل قيمته لم يضمنوا ، وإن كان أقل من القيمة ضمنوا فاضل القيمة .
ولو شهدوا بهبة ثم رجعوا .
فإن قيل بوجوب المكافأة لم يضمنوا ، وإن قيل بسقوطها ضمنوا .
والضرب الثاني : أن تبين بالواحدة ، لأن الزوج قد طلقها قبل الشهادة طلقتين فصارت بائنة بالثالثة ، فقد أحال الشهود بها بينه وبين بضعها ، فلزمهم الغرم بحكم الإحالة وفي قدر ما يلزمهم وجهان :
أحدهما : جميع المهر ، لأنهم منعوه منها من جميع البضع .
والوجه الثاني : يلزمهم ثلث المهر ، لأنه ممنوع من بضعها بثلاث طلقات اختص الشهود بواحدة منها ، فكان ثلث المنع منهم فوجب ثلث المهر ، فعلى هذا لو كان الزوج قد طلقها واحدة ، وشهدوا بطلقتين رجع عليهم بثلثي المهر .
فهذا حكم شهادتهم بالطلاق إذا رجعوا عنه .