[ القول في
رجوع شهود العتق ]
فصل : وأما
شهادتهم بالعتق إذا رجعوا عنها في عبد كان قنا ، فعليهم غرم قيمته بوفاق
أبي حنيفة ، وإن خالف في الطلاق .
وتعتبر قيمته عند نفوذ الحكم بشهادتهم ، لا وقت رجوعهم ، لأنه بالحكم صار مستهلكا لا بالرجوع .
فإن
شهدوا عليه بعتق مدبر ثم رجعوا عنه لزمهم غرم قيمته أيضا : لأنه قد كان
[ ص: 266 ] على الرق وجواز البيع ، فإن شهدوا عليه بعتق أم الولد رجع عليهم بقيمتها ، وإن منع من بيعها كما يرجع بالقيمة على قاتلها .
وإن
شهدوا عليه بكتابة عبده ، لم يغرموا عند الرجوع ، وينظر ما يكون من حال المكاتب : فإن عجز وعاد إلى الرق فلا غرم على الشهود بعوده إلى الرق الذي كان عليه قبل الشهادة .
وإن أدى وعتق نظر في ما أداه من كتابته ، فإن كان بقدر قيمته ، ففي وجوب غرمها على الشهود وجهان :
أحدهما : لا غرم عليهم ، لأن السيد قد وصل إلى القيمة من مكاتبه ، فصار كوصوله إلى المهر من خلع زوجته .
والوجه الثاني : يرجع عليهم بغرم قيمته وإن وصل إليها من مكاتبه ، لأنه أداها من اكتتابه التي قد كان يملكها بغير كتابه ، وبهذا خالف ما أدته المرأة في الخلع ، لأن المؤدى لا يملكه الزوج إلا بالخلع .
وإن كان ما أداه المكاتب فيعتق به أقل من قيمته ، رجع السيد على الشهود بالباقي من قيمته ، وفي رجوعه عليهم بما أداه المكاتب وجهان تعليلا بما قدمناه فيها .
فإن
شهدوا بإبراء مكاتبه من مال كتابته ، فحكم عليه بعتقه ، ثم رجع الشهود ، غرموا له أقل الأمرين من قيمته أو مال كتابته ، لأن القيمة إذا كانت أقل ، فليس بأغلظ من العبد القن . فلا يلزمه أكثر منها ، وإن كان مال الكتابة أقل ، فليس له على المكاتب أكثر منه فلم يرجع بالزيادة والله أعلم .