فصل :
والدعوى على ستة أضرب : صحيحة ، وفاسدة ، ومجملة ، وناقصة ، وزائدة ، وكاذبة .
فأما الدعوى الصحيحة فضربان : دعوى استحقاق ، ودعوى اعتراض .
فأما دعوى الاستحقاق فضربان :
أحدهما : أن تتوجه إلى عين في اليد .
والثاني : إلى مال في الذمة .
فأما توجه الدعوى إلى عين في اليد فضربان : منقول ، وغير منقول ، فأما المنقول فضربان : حاضر ، وغائب .
فإن كانت العين المنقولة حاضرة في مجلس الحكم ، كعبد أو ثوب ، أغنت الإشارة عن صفتها ، وعن ذكر قيمتها
فإن كانت
الدعوى في غصب صحت الدعوى ، إذا قال غصبني هذا العبد ، أو هذا الثوب وإن كانت الدعوى في وديعة فقال : أودعته هذا ، وإن كانت الدعوى في ابتياع منه ، فإن كان المقصود بها دعوى العقد ، كان في صحة الدعوى ذكر قدر الثمن ، وإن كان المقصود بها انتزاعه من يده كان في صحة الدعوى أن يذكر أنه ابتاعه منه ، ودفع إليه ثمنه ، وقد منعه منه ولا يلزمه أن يذكر قدر الثمن .
وإن كانت العين المنقولة غائبة ، فإن كانت من ذوات الأمثال كالحنطة ، اقتصر في تعيينها على ذكر الصفة ، ثم صار الحكم فيها كالعين الحاضرة ، وإن كانت من غير ذوات الأمثال ، كالجواهر لزمه في تعيينها ذكر الجنس ، والنوع ، وما يضبط به من صفاتها فإن كانت وديعة لم يلزمه ذكر قيمتها ، لأن الوديعة أمانة غير مضمونة ، وإن كانت عارية أو غصبا لزمه في التعيين ذكر قيمتها ، لضمان العارية والغصب بالقيمة ،
[ ص: 293 ] وإن كانت مبيعة لزمه في التعيين ذكر ثمنها لضمان ما لم يقبض من المبيع بالثمن دون القيمة .
وأما غير المنقول كدار ، أو ضيعة ، فتعيينها في الدعوى يكون بذكر الناحية ، والحدود الأربعة : لتتميز بذلك من غيرها ، ولا يغني ذكر الناحية عن ذكر الحدود ، ولا ذكر الحدود عن ذكر الناحية ، ولا أن يقتصر على بعض الحدود حتى يستوفي جميعها ، فتصير بذكر الناحية والحدود الأربعة متميزة عن غيرها ، إلا أن تكون الدار مشهورة باسمها متميزة به عن غيرها ، "
كدار الندوة "
بمكة و
( دار الخيزران ) ، فيغني ذكر اسمها عن ذكر حدودها ، وإذا ذكرت الناحية والحدود الأربعة ، صح دعواها وإن جاز أن يشاركها غيرها في حدودها ، كما إذا ذكر الرجل باسمه ، واسم أبيه وجده ، وقبيلته ، وصناعته ، صح ، وتميز في الدعوى والشهادة ، وإن جاز أن يشاركه غيره في الاسم ، والنسب ، لأنه غاية الممكن ولأن المشاركة نادرة ، ثم صحة دعواها بعد تحديدها معتبرة بشرطين : أن يذكر أنها ملكه .
والثاني : أن يذكر أنها في يد المدعى عليه بغير حق .
وهو إذا ذكر ذلك بالخيار بين أن يعين السبب الذي صارت به في يده بغير حق ، وبين أن يطلقه .