فصل : فأما
دعوى الاعتراض فضربان :
أحدهما : أن يتوجه إلى ما في يده .
والثاني : إلى ما يتعلق بذمته .
فأما توجه الدعوى إلى ما في يده ، فلا تكون إلا بعد معارضته ، فإن كانت المعارضة بما لا يستضر به المدعي لم تصح الدعوى منه .
وإن كانت بما يستضر به المدعي إما بمد اليد إلى ملكه ، وإما بمنعه من التصرف فيه وإما بملازمته عليه ، أو بقطعه عن أشغاله صحت دعواه بخمسة شروط :
أحدها : أن يصف الملك بما يصير به متعينا منقولا وغير منقول على ما قدمناه .
والثاني : أنه له وفي ملكه ، لأن ما لا يملكه ، أو لم يستتبه مالكه فيه لا يمنع من المعارضة فيه .
والثالث : أن يذكر المعارض له بالإشارة إليه ، إن كان حاضرا ، أو باسمه ونسبه إن كان غائبا .
والرابع : أن يذكر المعارضة هل هي في الملك ، أو في نفسه ؟ لأجل الملك لافتراقهما في الحكم .
والخامس : أن يذكر أنه عارضه بغير حق لأنه ربما استحق المعارضة برهن ، أو إجارة حتى لا يتقي في دعواه ما يحتاج الحاكم أن يسأله عنه ليعدل بسؤاله إلى المدعى عليه .
وأما توجه الدعوى إلى ما يتعلق بذمته ، لأنه قد طولب بما لا يستحق عليه فإن لم يلحقه بالمطالبة ضرر ، لم تصح الدعوى ، وإن لحقه بها ضرر ، إما في نفسه بالملازمة ، أو في جاهه بالإشاعة ، وإما في ماله بالمعارضة صحت منه الدعوى ليستدفع بها الضرر وصحتها معتبرة بثلاثة شروط :
أحدها : أن يذكر ما طولب به ، إما مفسرا ، أو مجملا ، لأن المقصود بالدعوى ما سواه .
والثاني : أن يذكر أنه غير مستحق عليه ، لأن المطالبة بالحق لا ترد .
[ ص: 296 ] والثالث : أن يذكر ما استضر به ، لأن مقصود الدعوى ليكون الكف عنه متوجها إليه ، فإن اقترن بهذه الشروط ما يكمل به جميع الدعاوى ، سأل الحاكم المدعى عليه ، وله في الجواب ، عن دعوى هذه المعارضة ، ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يعترف بجميع ما تضمنها ، فيمنعه الحاكم من معارضته .
والحال الثانية : أن ينكر المعارضة ، فيخلى سبيله ، فلا يمين عليه لأن لا يتعلق بالمعارضة استحقاق غرم .
والحال الثالثة : أن يذكر أنه يعارضه فيه بحق يصفه ، فيصير مدعيا بعد أن كان مدعى عليه ، ويصير المدعي مدعى عليه ، بعد أن كان مدعيا ، فهذا الكلام في صحة الدعوى ، وإن تضمنت ضروبا أغفلناها اقتصارا وتعويلا بها على اعتبار ما بيناه .