فصل :
وإذا تنازع رجلان في يد كل واحد منهما جارية ، فادعى كل واحد منهما الجارية ، التي في يد صاحبه ، أنها بنت الجارية التي في يده ، ولدت على ملكه ، ويقيم كل واحد منهما البينة على ما يدعيه وهذا يكون مع اشتباه الأسنان ، وأن كل واحدة منهما يحتمل أن تكون أما ، ويحتمل أن تكون بنتا فتصير الشهادتان متعارضتين في الولادة دون الملك ، لأنه يستحيل أن تكون كل واحدة منهما بنت الأخرى ، فصارتا في الولادة متعارضتين ، ولم يتعارضا في الملك ، لأن بينة زيد شهدت له بملك الجارية
[ ص: 369 ] التي في يد عمرو وبينة عمرو شهدت له بملك الجارية التي في يد زيد فلم يكن فيها تعارض في الملك ، وإن تعارضتا في الولادة فيحكم لكل واحد منهما ببينته ، وتسلم الجارية التي في يد زيد إلى عمرو ، والجارية التي في يد عمرو إلى زيد ، ولا يكون تعارضهما في الولادة موجبا لتعارضهما في الملك ، وكان التعارض في الولادة أقوى ، ولا يحمل على رد البينة في الكل ، إذا ردت في البعض : لأن الولادة هاهنا لم تؤثر في الحكم ، فكان وجودها كعدمها ، ولو كانت المسألة بحالها ، فادعى كل واحد منهما على صاحبه ، فقال : أنا مالك للجارية التي في يدي ، والجارية التي في يدك ، وهي بنت الجارية التي هي في يدي ، وأقام على ذلك بينة صارت الشهادتان متعارضتين في الولادة والملك جميعا ، لأنه يستحيل أن تكون كل واحدة منهما بنت الأخرى ، فتعارضت في الولادة ، ويستحيل أن تكون الجاريتان معا ملكا لكل واحد منهما ، فتعارضت في الملك ، فتكون على الأقاويل الثلاثة في تعارض البينتين ، فإن زال الاشتباه في سن الجاريتين بان من يحق أن تكون بنت الأخرى لصغر سنها ، وكبر الأخرى ، تعين بها كذب إحدى البينتين في الولادة ، فردت شهادتهما في الملك ، وحكم بشهادة الأخرى في الولادة والملك ، وزال به حكم التعارض .