الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ويكبر خلف الفرائض والنوافل ، قال المزني : الذي قبل هذا عندي أولى به لا يكبر إلا خلف الفرائض " .

قال الماوردي : وهذا صحيح ، أما التكبير فسن للمقيم والمسافر ، والرجل والمرأة .

وقال أبو حنيفة التكبير سنة للرجل المقيم دون المرأة ، والمسافر وما ذكرنا أولى ، لعموم قوله تعالى : ولتكبروا الله على ما هداكم [ البقرة : 185 ] .

وإذا صح أن ذلك سنة للكافة فقد قال الشافعي في هذا الموضع : يكبر خلف الفرائض والنوافل ، وقال في موضع آخر : خلف الفرائض ، فاختلف أصحابنا فكان المزني مع بعض أصحابنا يخرجون المسألة على قولين :

أحدهما : يكبر خلف الفرائض والنوافل .

والقول الثاني : يكبر خلف الفرائض دون النوافل ، وقال آخرون من أصحابنا : مذهب الشافعي يكبر خلف الفرائض دون النوافل قولا واحدا ، وبه جرى العمل توارثا في الأمصار بين الأئمة ، فمن قال تمهيدا لهم عما نقله المزني من تكبيره خلف الفرائض والنوافل جوابان :

أحدهما : أنه غلط في النقل من التنبيه إلى التكبير .

والثاني : أنه غلط في المعنى دون الرواية ، وإنما أراد بالتكبير خلف الفرائض والنوافل ما تعلق بالزمان في ليلتي العيدين ، دون ما تعلق بالصلوات في أيام النحر ، وقال آخرون : بل النوافل على ضربين :

أحدهما : ما سن منفردا فلا يكبر خلفه .

والثاني : ما سن في جماعة كالاستسقاء والخسوفين فهذا يكبر خلفه ، وله أراد الشافعي تشبيها بالفرائض ، فمن قال بهذا اختلفوا هل يكبر خلف صلاة الجنازة ؟ على وجهين :

أحدهما : يكبر لفعله في جماعة .

والثاني : لا يكبر ؛ لأنها ليست صلاة شرعية ذات ركوع وسجود ، وإنما هي دعاء وترحم فلو نسي صلاة من أيام التشريق فقضاها بعد أيام التشريق لم يكبر خلفها ، ولو ذكر في أيام التشريق صلاها فائتة قضاها ، وكبر خلفها ، لأن التكبير من سنة الوقت .

التالي السابق


الخدمات العلمية