فصل : فإذا
كانت الدار في يد من يدعيها ملكا ، فنازعه فيها رجلان وأقام أحدهما البينة أنها ملكه منذ سنة وأقام الآخر البينة على هذا الأول أنه ابتاعها منه منذ خمس سنين ، فلا تمنع بينة الأول أنها له منذ سنة أن تكون له ملكا قبل ذلك بخمس سنين ، فلذلك سمعت بينة الثاني على الأول ، ووجب بها انتزاعها من صاحب اليد ، ثم ينظر في بينة المدعي الثاني أنه ابتاعها من المدعي الأول ، فإن شهدت بأنه باعها وكان مالكا لها ، حكم بها للثاني ملكا ، فإن شهدت أنه باعها وكانت في يده ، حكم بها للثاني ابتياعها ، فجرى عليه حكم الملك ؟ لأن الظاهر من اليد أنها لمالك ، فتسلم الدار في هاتين الحالتين إلى المدعي الثاني وترفع عنها يد المدعي الأول .
[ ص: 375 ] ووافق
أبو حنيفة عليهما ، وإن شهدت بينة الثاني أنه ابتاعها من الأول ، ولم يشهدوا أنها كانت ملكا للأول ولا في يده ، قال
أبو حنيفة : لا تنتزع من الأول ، ولا تسلم إلى الثاني لأن البيع متردد ، بين أن يكون قد باع ما في ملكه ، أو ما في يده ، فيصح وبين أن يبيع ما ليس في ملكه ولا يده ، فيبطل .
فلم يجز أن يحكم بصحة البيع ، ورفع يد الأول ، بمجوز متردد بين الصحة والفساد ، وعند
الشافعي أن يد الأول ترفع وتسلم الدار إلى الثاني ابتياعا من الأول ، لأن البيع في حقه صحيح إن ملك ، ولا يقضي بها ملكه للثاني ، وإن قضى له بابتياعها من الأول ، فكان له فيها يد إن نوزع فيها ، ترجح بيد لا بدفع بينة المنازع .