مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ولو
شهد عدلان في الفطر بأن الهلال كان بالأمس فإن كان ذلك قبل الزوال صلى بالناس العيد وإن كان بعد الزوال لم يصلوا لأنه
[ ص: 502 ] عمل في وقت إذا جاوزه لم يعمل في غيره
كعرفة . وقال في كتاب الصيام : وأحب إن ذكر فيه شيئا وإن لم يكن ثابتا أن يشمل من الغد ومن بعد الغد . ( قال
المزني ) : قوله الأول أولى به لأنه احتج فقال : لو جاز أن يقضي كان بعد الظهر أجوز وإلى وقته أقرب . ( قال
المزني ) : وهذا من قوله على صواب أحد قوليه عندي دليل وبالله التوفيق " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال . إذا
شهد شاهدان عند الإمام يوم الثلاثين من رمضان وقد أصبحوا صياما على الشك في رؤية الهلال بأنهما رأيا الهلال من الليل ، فإن صحت عدالتهما قبل الزوال أفطر وصلى بالناس ، لأن ذلك وقت للصلاة ، ما لم تزل الشمس ، فأما إذا لم تصح عدالتهما إلا بعد الزوال ، فإنه يفطر ويأمر الناس به ، وفي
إعادة الصلاة من الغد قولان :
أحدهما : وهو قول
أبي حنيفة واختاره
المزني لا تعاد ؛ لأنها صلاة نافلة سن لها الجماعة فوجب أن تسقط بالفوات كصلاة الخسوف .
والقول الثاني : أنها تعاد من الغد ؛ لأنها صلاة دائبة فوجب أن لا تسقط بفوات وقتها كالفرائض ، وقد روى
أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقضائها من الغد ، إلا أن في الحديث اضطرابا ولولا اضطرابه لأعيدت الصلاة من الغد قولا واحدا .
فعلى هذا اختلف أصحابنا في
علة تأخيرها إلى الغد على وجهين :
أحدهما : وهو قول
أبي إسحاق : أن العلة في تأخيرها تعذر اجتماع الناس لتفرقهم وعدم علمهم ، فعلى هذا إذا كان البلد لطيفا يمكن اجتماع أهله بعد الزوال من يومهم صليت في اليوم ، لأنه أقرب إلى وقتها الغالب .
والوجه الثاني : وهو ظاهر مذهب
الشافعي أن العلة في تأخيرها إلى الغد ، أن يؤتى بها في وقتها المسنونة فيه ، وذلك بعد طلوع الشمس وقبل الزوال ، فعلى هذا لا يجوز قضاؤها في اليوم بحال .