[ ص: 398 ] باب جواب
الشافعي محمد بن الحسن في
الولد يدعيه عدة رجال
مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " قلت
لمحمد بن الحسن : زعمت أن
أبا يوسف قال : إن ادعاه اثنان ، فهو ابنهما بالأثر ، فإن ادعاه ثلاثة ، فهو ابنهم بالقياس ، وإن ادعاه أربعة ، لم يكن ابن واحد منهم ، قال : هذا خطأ من قوله ، قلت فإذا زعمت أنهم يشتركون في نسبه ولو كانوا مائة ، كما يشتركون في المال لو مات أحد الشركاء في المال ، أيملك الحي إلا ما كان يملكه قبل موت صاحبه ؟ قال : لا ، قلت : فقد زعمت إن مات واحد منهم ورثه ميراث ابن تام ، وانقطعت أبوته ، فإن مات ورثه كل واحد منهم سهما من مائة سهم من ميراث أب ، فهل رأيت أبا قط إلى مدة ؟ قلت : أورأيت إذا قطعت أبوته من الميت أيتزوج بناته ، وهن اليوم أجنبيات ، وهن بالأمس له أخوات ؟ قال : إنه لا يدخل هذا ، قلت : وأكثر ، قال : كيف كان يلزمنا أن نورثه ؟ قلت : نورثه في قولك من أحدهم سهما من مائة سهم من ميراث أب ، كما نورث كل واحد منهم سهما من مائة سهم من ميراث أب ، ( قال
المزني ) رحمه الله : ليس هذا بلازم لهم في قولهم ، لأن جميع كل أب أبو بعض الابن وليس بعض الابن ابنا لبعض الأب دون جميعه ، كما لو ملكوا عبدا كان جميع كل سيد منهم مالكا لبعض العبد ، وليس بعض العبد ملكا لبعض السيد دون جميعه ، فتفهم ذلك تجده إن شاء الله " .
قال
الماوردي : وهذه مناظرة جرت بين
الشافعي ومحمد بن الحسن رحمهما الله لم يثبتها
الربيع في كتابه إلى
محمد بن الحسن وحكى عن
الشافعي رحمه الله أنه قال : قلت لبعض الناس وصرح بها
الشافعي في الإملاء فقال : قلت
لمحمد بن الحسن ، فنقلها
المزني عنه في الإملاء ولم يختلف عليه
أبو حنيفة رضي الله عنه وأصحابه في المنع من استعمال القافة ، واختلفوا بعد اتفاقهم على المنع من
استعمال القافة فيمن يلحق به الولد من الأباء المتنازعين ، فيه فألحقه
محمد بن الحسن رحمه الله باثنين ، ولم يلحقه بأكثر اتباعا لما حكي من الأثر عن
عمر رضي الله عنه في إلحاقه باثنين .
وألحقه
أبو يوسف رحمه الله بثلاثة ، ولم يلحقه بأكثر منهم ، فاللاحق بالثاني
[ ص: 399 ] أثرا ، واللاحق بالثالث قياسا ، ومنع من إلحاقه بالرابع قياسا ، وألحقه
أبو حنيفة رضي الله عنه بكل من ادعاه وإن كانوا مائة قياسا على الأثر في الثاني ، فناظر
الشافعي رحمه الله
محمد بن الحسن رحمه الله على قول
أبي يوسف رحمه الله وعلى قول
أبي حنيفة ، وإن لم يكن قائلا في العدد بقولهما ، فلأنه موافق لهما في ترك القيافة ، وإلحاقه بالاثنين ، وإذا بطل قولهما في إلحاقه بأكثر من اثنين ، بطل قوله في إلحاقه بالاثنين .
ولأن
استعمال القافة بالشبه ، والأثر ، والعرف .
فابتدأ
الشافعي بمناظرته على القياس في الرابع ، كالثالث فلم جعل الثالث قياسا ، ولم يجعل الرابع قياسا ، وإن امتنع في الرابع ، امتنع في الثالث ، فبطل فيه استعمال القياس ، ولم يبق فيه إلا الأثر المروي عن
عمر رضي الله عنه في الثاني ، وقد اختلفت الرواية فيه عن
عمر فروى عنه
عروة بن الزبير ،
وسليمان بن يسار ، أنه قال للولد : انتسب إلى أيهما شئت .
وروى عنه
الحسن البصري ، أنه قضى به لهما يرثانه ويرثهما ، وهو للباقي منهما فلم تكن إحدى الروايتين بأولى من الأخرى ، فتعارضا ، وأوجب التعارض سقوطهما .