مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : ويحتمل قوله في عتق الموسر : "
وأعطى شركاءه حصصهم وعتق العبد " معنيين : أحدهما أنه يعتق بالقول وبدفع القيمة . والآخر أن يعتق الموسر ، ولو أعسر كان العبد حرا ، واتبع بما ضمن ، وهذا قول يصح فيه القياس . ( قال
[ ص: 8 ] المزني ) وبالقول الأول قال في كتاب " الوصايا في العتق " وقال في كتاب " اختلاف الأحاديث " : يعتق يوم تكلم بالعتق ، وهكذا قال في كتاب " اختلاف
ابن أبي ليلى وأبي حنيفة " ، وقال أيضا :
فإن مات المعتق أخذ بما لزمه من أرش المال ، لا يمنعه الموت حقا لزمه ، كما لو جنى جناية . والعبد حر في شهادته وميراثه وجناياته ، قبل القيمة ودفعها . ( قال
المزني ) وقد قطع بأن هذا المعنى أصح ( قال
المزني ) وقطعه به في أربعة مواضع أولى به من أحد قولين لم يقطع به وهو القياس على أصله في القرعة أن المعتق يوم تكلم بالعتق حتى أقرع بين الأحياء والموتى فهذا أولى بقوله ( قال
المزني ) رحمه الله قد قال
الشافعي : لو أعتق الثاني كان عتقه باطلا وفي ذلك دليل لو كان ملكه بحاله لو عتق بإعتاقه إياه وقوله في الأمة بينهما أنه إن أحبلها صارت أم ولد له إن كان موسرا كالعتق وأن شريكه إن وطئها قبل أخذ القيمة كان مهرها عليه تاما وفي ذلك قضاء لما قلنا ودليل آخر لما كان الثمن في إجماعهم ثمنين أحدهما في بيع عن تراض يجوز فيه التغابن والآخر قيمة متلف لا يجوز فيه التغابن وإنما هي على التعديل والتقسيط فلما حكم النبي صلى الله عليه وسلم على المعتق الموسر بالقيمة دل على أنها قيمة متلف على شريكه يوم أتلفه فهذا كل قضاء لأحد قوليه على الآخر وبالله التوفيق " .
قال
الماوردي : وهذا القول يصح فيه القياس قد ذكرنا أن عتق الموسر يسري إلى حصة شريكه ، واختلف قول
الشافعي في عتقها عليه بماذا يقع على ثلاثة أقاويل : أحدها : نص عليه في اختلاف الحديث ، واختلاف
العراقيين وكتاب الوصايا أنه يعتق عليه حصة الشريك بنطقه قبل دفع القيمة ، فيدفعها بعد نفوذ العتق ، وهو قول
ابن أبي ليلى وسفيان الثوري ، وأحمد وإسحاق .
والقول الثاني : نص عليه في القديم لا يعتق عليه إلا بعد دفع القيمة إلى شريكه وهو قبل دفعها على بقاء حصته وهو قول
مالك .
والقول الثالث : الأشبه ذكره عنه
البويطي وحرملة ، أن
العتق في حصة الشريك موقوف مراعى فإذا دفع القيمة بان أن العتق وقع باللفظ ، وإن لم يدفعها بان أنه لم يزل عن الرق .
ونظير هذه الأقاويل في ملك المبيع متى ينتقل عن البائع إلى المشتري على ثلاثة أقاويل :
أحدها : بالعقد قبل مضي زمان الخيار .
[ ص: 9 ] والثاني : بالعقد وانقضاء الخيار .
والثالث : أنه موقوف مراعى .
فإن تم البيع بان أنه كان مالكا بنفس العقد ، وإن لم يتم البيع بان أنه لم يكن مالكا .
فإذا قيل بالقول الأول أنه يعتق عليه باللفظ قبل دفع القيمة وهو المشهور من مذهبه فدليله رواية
ابن أبي مليكة عن
نافع عن
ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=925763إذا كان العبد بين رجلين فأعتق أحدهما نصيبه وكان له مال فقد عتق كله " ولأن فيه الحصة معتبرة وقت عتقه فدل على نفوذ العتق فيها بلفظة .
وإذا قيل بالقول الثاني : أنه لا يعتق إلا بدفع القيمة فدليله رواية
عمرو بن دينار عن
سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925764أيما عبد كان بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه فإن كان موسرا قوم عليه قسمة عدل ليست بوكس ولا شطط ثم يعتق " ولأن العتق عن عوض فتحريمه يدفع العوض كالكتابة .
وإذا قيل بالقول الثالث : أن العتق موقوف مراعى فدليله أن تعارض الروايتين يقتضي الوقف والمراعاة لاستعمال الخبرين ، ولأن في الوقف إزالة الضرر عن الشريك والعبد فكان أولى من إدخاله على الشريك بتعجيل العتق أو على العبد بتأخيره ، ويكون وقف عتقه على هذا القول كمن أعتق عبده في مرض موته وله مال غائب لا يعلم أيسلم فيخرج العتق من ثلثه ، أو يتلف فلا يخرج من ثلثه كان تحرير عتقه بعد موته موقوفا على سلامة ماله ، فإن سلم عتق جميع العبد من حين تلفظ بعتقه وإن تلف ماله بان أنه لم يعتق منه إلا ثلثه ، وأن باقيه لم يزل موقوفا .