مسألة : قال
الشافعي رحمه الله : " ولو قال أحدهما لصاحبه وصاحبه موسر أعتقت نصيبك وأنكر الآخر عتق نصيب المدعي ووقف ولاؤه لأنه زعم أنه حر كله وادعى قيمة نصيبه على شريكه " .
قال
الماوردي : وصورتها : في
عبد بين شريكين ادعى أحدهما على صاحبه أنه أعتق حصته وهو موسر ، وأن عتقه سرى إلى حصته ، وطالبه بقيمة حصته ، فلا يخلو المدعى عليه من أن يقر بالعتق ، أو ينكر فإن أقر بالعتق عتقت عليه حصته بإقراره ، وفي عتق حصة شريكه ثلاثة أقاويل :
أحدها : يعتق بإقراره على نفسه ويؤخذ بقيمتها ، ويكون له ولاء جميعه .
والقول الثاني : لا تعتق حصة الشريك إلا بدفع القيمة إليه ويؤخذ بدفعها حتى يتكامل العتق بدفع القيمة .
والقول الثالث : إن عتقها موقوف على دفع القيمة ، فإذا دفعت بان تقدم العتق باللفظ ، وإن أنكر المدعى عليه العتق ، فإن كان للمدعي بينة سمعت وهي شاهدان ، وحكم عليه بعتقه لملكه وكان عتق حصة المدعي على الأقاويل الثلاثة ، ولا يقبل فيها شاهد ، وامرأتان ؛ لأنها بينة في عتق ، وإن عدمت البينة ، فالقول قول المدعى عليه مع يمينه ، أنه لم يعتق وحصته باقية على ملكه . وفي عتق حصة المدعي قولان :
أحدهما : وهو الذي نص عليه
الشافعي في هذا الموضع أن حصته تعتق عليه ، إذا قيل إن العتق يسري بنفس اللفظ ؛ لأنه مقر على نفسه بما يضره ، وينفع غيره ، فقبل إقراره ، على نصيبه ولم يقبل دعواه على غيره .
والقول الثاني : لا يعتق عليه إذا قيل بالقولين الآخرين أن العتق يقع بدفع القيمة ،
[ ص: 16 ] أو أنه موقوف على دفع القيمة ، وإن عتقت حصة المدعي على القول الأول ، لم يسر عتقه إلى حصة المدعى عليه ؛ لأنه عتق لزمه بغير اختياره فصار كمن ورث من رق ابنه سهما ، عتق عليه ، ولم يسر إلى باقيه . وكان ولاء ما عتق منه موقوفا لأنه لا يدعيه واحد منهما ، وإذا لم تعتق حصة المدعي على القول الثاني كانت مقرة على ملكه ، وفي جواز تصرفه فيها بالبيع والعتق وجهان :
أحدهما : يجوز لاستقرار ملكه عليها بإبطال السراية إليها .
والوجه الثاني : لا يجوز لإقراره بالمنع من ذلك في حق شريكه . فلو عاد المنكر فاعترف بالعتق بعد جحوده ، عتق ملكه عليه ، وكانت سراية عتقه إلى حصة الشريك على الأقاويل الثلاثة .