مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : "
وإن كان معسرا عتق نصيبه وكان شريكه على ملكه يخدمه يوما ويترك لنفسه يوما فما اكتسب لنفسه فهو له " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح ، والمعتبر بإعساره ألا يملك قيمة الحصة الباقية لشريكه ، ولا قيمة شيء منها وقت عتقه ، فإن ملكها وعليه دين قد استحق فيها يصير باستحقاقها في الدين معسرا بها فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون الدين مؤجلا لا يستحق تعجيله فيجري عليه حكم اليسار في عتق الحصة عليه ؛ لأن في يده ما هو مقر على ملكه .
والضرب الثاني : أن يكون الدين حالا ففيه قولان من اختلاف قوليه في الدين هل يمنع من وجوب الزكاة في العين ؟ :
أحدهما : يجري عليه حكم اليسار ، إذا قيل إن الدين لا يمنع من وجوب الزكاة في العين .
والقول الثاني : يجري عليه حكم الإعسار إذا قيل إن الدين يمنع من وجوب
[ ص: 22 ] الزكاة في العين ، فإذا كان معسرا بها نفذ عتقه في ملكه ، ولم يسر إلى حصة شريكه . وقال
أبو يوسف ، ومحمد : يسري عتقه مع إعساره كما يسري مع يساره ، وتكون القيمة دينا عليه يؤخذ بها إذا أيسر كما يسري الطلاق في الزوجة إذا طلق بعضها في الأحوال كلها ، لاستحالة أن يجتمع طلاق وإباحة ، كذلك يستحيل أن يجتمع حرية ورق .
ودليلنا حديث
ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
وإن كان معسرا فقد عتق فأعتق " . ولأن المقصود بتكميل العتق رفع الضرر عن الشريك ، بألا يختلف حكم الحرية والرق في عبده المشترك ، وأن يصير العبد كامل التصرف ، وسراية العتق مع إعسار المعتق أعظم ضررا على الشريك من استبقاء رقه ، فلم يجز أن يرفع أقل الضررين بأعظمهما ، ووجب أن يرفع أعظمهما بأقلهما .
والفرق بين العتق والطلاق من وجهين :
أحدهما : أنه لما لم يجز أن يحصل في الزوجة شرك بين زوجين ، وجاز أن يقع في الرق شرك بين مالكين لم يجز أن يتبعض الطلاق وجاز أن يتبعض الرق .
والثاني : أن
طلاق بعض الزوجة يمنع من الاستمتاع بباقيها ،
وعتق بعض العبد لا يمنع من استخدام باقيه ، فإذا ثبت أن حصة الشريك باقية على رقها بإعسار المعتق ، فقال المعتق : أنا أستدين وأقترض قيمة حصة الشريك إن حدث له يسار بعد العتق ، كان الشريك أملك بحصته ولم يؤخذ بإجابته .