فصل :
وإذا مات هذا الذي تبعضت فيه الحرية والرق هل يورث أم لا ؟ قال
الشافعي في القديم : لا يورث ، وهو قول
مالك ، ويكون ماله لسيده ؛ لأنه إذا لم يرث بحريته ، لم يورث بها . وقال في الجديد : يكون موروثا عنه لورثته دون سيد رقه ؛ لأن السيد لا يملك ذلك عنه في حياته ، فلم يملكه بعد موته .
وقال في موضع ثالث : يكون ماله بين ورثته وسيد رقه بقدر حريته ورقه . فاختلف أصحابنا في هذه النصوص الثلاثة . فكان
أبو إسحاق المروزي في طائفة يخرجون هذه النصوص الثلاثة على ثلاثة أقاويل :
أحدها : تكون لسيده دون ورثته .
والثاني : تكون لورثته دون سيده .
والثالث : تكون بينهما تورث عنه بقدر ما فيه من الحرية ، ويكون للسيد بقدر ما فيه من الرق ، تعليلا بما ذكرناه .
وكان
أبو علي بن أبي هريرة ، وطائفة من بعض
البصريين ، يمتنعون من تخريج هذه النصوص على اختلاف الأقاويل ، ويحملونها على اختلاف الأحوال ، والذي نص عليه أنه يكون لسيده ، فإذا كان قد مات في زمان سيده وقد استهلك ما كان قد ملكه بحريته يكون ماله لسيده دون ورثته ، والذي نص عليه أنه يكون لورثته إذا كان قد مات في زمان نفسه ، وقد أخذ السيد ما ملكه عند رقه ، فيكون ماله لورثته دون سيده . ، ويكون بينهما إذا كان غير مهايأة وفي يده مال بالحقين ، كان بين الورثة والسيد ميراثا بالحرية ، وملكا بالرق . وقال
أبو سعيد الإصطخري ، يكون جميع ما يخلفه في الأحوال كلها بالحرية ، والرق ، منتقلا إلى بيت المال ، لا يملكه السيد ؛ لأنه لا حق له في حريته ، ولا يستحقه الورثة ، لبقاء أحكام رقه ، فكان بيت المال أولى الجهات باستحقاقه .
[ ص: 25 ]