فصل : فإذا تقرر ما وصفناه في اعتبار القيمة ، فاختلفا فيها ،
فقال : المعتق مائة ، وقال الشريك مائتان . فإن كان العبد باقيا لم تتغير قيمته بتطاول الزمان ، فلا اعتبار باختلافهما و " يقومها ثقتان من أهل الخبرة ، فإذا قوماها لم يخل حال ما ذكرناه من القيمة من خمسة أقسام :
أحدها : أن يوافق ما أقر به المعتق ، وهو المائة فلا يلزمه غيرها ، ولا يمين عليه فيها .
والثاني : أن يوافق ما ادعاه الشريك وهو المائتان فيستحقها ولا يمين عليه فيها .
والثالث : أن يكون وسطا بينهما ، غير موافقة لواحد منهما ، وذلك بأن تقوم مائة وخمسين ، فيحكم بها عليهما ولا يستحق الشريك أكثر منهما ، ولا نقتنع من المعتق بأقل منهما .
والرابع : أن تكون زائدة على أكثرهما ، وذلك بأن تقوم بمائتين وخمسين ، فلا يحكم للشريك إلا بمائتين ؛ لأنه بالاقتصار عليها مبرأ من الزيادة عليها .
والخامس : أن تكون ناقصة عن أقلهما وذلك بأن تقوم بخمسين ، فلا نقتنع من المعتق بأقل من مائة ؛ لأنه قد أقر بها ، وإن تعذر تقويمه في زمان العتق ، إما لموته ، أو غيبته ، وإما لتغير أحواله بالكبر بعد الصغر ، أو بالمرض بعد الصحة ، أو بالزمانة بعد السلامة ، ففي اختلافها في القيمة قولان :
[ ص: 29 ] أحدهما : أن القول فيها قول المعتق مع يمينه ، إذا قيل إن عتقه قد يسري إلى حصة الشريك بلفظه ؛ لأنه يصير غارما . والقول في الغرم قول الغارم .
والقول الثاني : أن القول فيها قول الشريك مع يمينه ، إذا قيل ببقاء ملكه ، إلى أن يأخذ قيمة حصته ؛ لأن له عليها يدا لا تنتزع مع عدم البينة ، إلا بقوله كالثمن في الشفعة ، إذا اختلف فيه الشفيع والمشتري كان القول فيه قول المشتري .
وقال
الربيع في كتاب " الأم " ، وفيه قول آخر أنهما يتحالفان كما يتحالف المتبايعان إذا اختلفا وهو من تخريجه وليس بقول للشافعي ؛ لأن تحالف المتبايعين موجب لارتفاع العقد فأفاد وتحالف هذين غير موجب لرفع العتق ، فلم يفد وهما بعد التحالف عليها باقيان على الاختلاف فيها .
وأما
المزني فإنه أعاد نصرة اختياره ، وفي بعض ما مضى من كلامه وجوابه مقنع . والله أعلم .