مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : "
ولو قال هو سارق أو آبق ، وقال الذي له الغرم ليس كذلك ، فالقول قوله مع يمينه وهو على البراءة من العيب حتى يعلم ( قال
المزني ) قد قال في الغاصب إن القول قوله أن به داء أو غائلة والقياس على قوله في الحر يجني على يده فيقول الجاني ، هي شلاء أن القول قول الغارم " .
قال
الماوردي : قد مضى اختلافهما في الصنعة الزائدة ، وهذه المسألة في اختلافها في عيب ينقص من القيمة فيدعي المعتق أنه كان سارقا ، أو آبقا ، فعليه قيمة عبد سارق ، أو آبق ويقول الشريك كان سالما ليس بسارق ، ولا آبق .
قال
الشافعي : القول فيه قول الشريك المالك مع يمينه أنه غير سارق ، ولا آبق وله قيمة عبد سليم ، فاختلف أصحابنا فيه على طريقين :
أحدهما : أنه على قولين .
والطريق الثاني : أن القول فيه قول المالك ، وإن كان في الزيادة القول فيها قول الغارم فيختلف حكم الزيادة ، والنقصان ، فيكون في الزيادة بالصنعة القول قول منكرها ، وهو الغارم ؛ لأن الأصل عدم الزيادة ، ويكون في النقصان بالعيب القول قول منكرها ، وهو المالك لأن الأصل السلامة من العيب ،
فأما الغاصب إذا اختلف مع المالك في قيمة العبد المغصوب فادعى الغاصب أنه به داء ، أو غائلة فقد حكى
المزني عن
الشافعي أن القول فيه قول الغاصب ، دون المالك وجعل في ضمان العتق القول فيه
[ ص: 31 ] قول المالك دون المعتق وضمان الغاصب والمعتق سيان فاختلف أصحابنا في اختلاف هذين الجوابين مع تساوي الضمانين على وجهين :
أحدهما : أن دعوى الغاصب كانت في نقص يعود إلى أصل الخلقة من شلل ، أو خرس يجوز أن يكون خلقة فيه ، وطارئا عليه ، فكان القول فيه قول الغاصب الغارم ، دون المالك ؛ لأن المالك قد يقدر على إقامة البينة ، أنه لم يكن به شلل ولا خرس ، ولو كان مثل ذلك في دعوى المعتق لكان القول فيه قوله دون المالك كالغاصب .
والذي قاله في دعوى المعتق أن القول فيه قول المالك كان في ادعاء نقص طارئ ، ليس من أصل الخلقة ، كالإباق والسرقة ؛ لأنه لم يخلق سارقا ولا آبقا ، فالقول فيه قول المالك دون المعتق ؛ لأنه لا يقدر على إقامة البينة ، أنه ليس بسارق ولا آبق ، ولو كانت مثل هذه الدعوى من جهة الغاصب ، كان القول فيها قول المالك كالمعتق .
والوجه الثاني : أن القول في الغصب قول الغاصب في النقص ، والقول في العتق قول المالك في النقصين ، والفرق بين الغصب ، والعتق : أن الغصب استهلاك محصن لا يملك بغرمه شيئا ، فجعل القول فيه قول المستهلك والعتق معاوضة يملك المعتق به الولاء ، فجعل القول فيه قول المتعوض ، فأما ما ذكره
المزني في الجناية على الأعضاء ، فإن كانت على أعضاء ظاهرة يمكن المجني أن يقيم البينة على سلامتها ، فالقول في نقصها قول الجاني .
وإن كانت على أعضاء باطنة ، يتعذر إقامة البينة على سلامتها ، ففي نقصها إذا ادعاه الجاني قولان ذكرناهما في الجنايات . والله أعلم .