[ ص: 42 ] باب
الإقراع بين العبيد في العتق والدين والتبدئة بالعتق
مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ويجزأ الرقيق إذا أعتق ثلثهم ثلاثة أجزاء إذا كانت قيمهم سواء ويكتب لسهم العتق في واحد وسهما الرق في اثنين ثم يقال : أخرج على هذا الجزء بعينه ويعرف فإن خرج عليه سهم العتق عتق ورق الجزءان الآخران وإن خرج على الجزء الأول سهم الرق رق ثم قيل أخرج فإن خرج سهم العتق على الجزء الثاني عتق ورق الثالث وإن خرج سهم الرق عليه عتق الثالث وإن اختلفت قيمهم ضم قليل الثمن إلى كثير الثمن حتى يعتدلوا فإن تفاوتت قيمهم فكان قيمة واحد مائة وقيمة اثنين مائة وقيمة ثلاثة مائة جزأهم ثلاثة أجزاء ثم أقرع بينهم على القيم فإن كانت قيمة واحد مائتين واثنين خمسين ، وثلاثة خمسين فإن خرج سهم العتق على الواحد عتق منه نصفه وهو الثلث من جميع المال ، والآخرون رقيق وإن خرج سهم اثنين عتقا ثم أعيدت القرعة بين الثلاثة والواحد وأيهم خرج سهمه بالعتق عتق منه ما بقي من الثلث ورق ما بقي منه ومن غيره وإن خرج السهم على الاثنين أو الثلاثة فكانوا لا يخرجون معا جزئوا ثلاثة أجزاء وأقرع بينهم كذلك حتى يستكمل الثلث ويجزءون ثلاثة أجزاء أصح عندي من أكثر من ثلاثة " .
قال
الماوردي : وهذا الباب يشتمل على بيان
استعمال القرعة ، ويتضمن ثلاثة فصول :
أحدها : في التجزئة . والثاني : في التعديل . والثالث : في الإخراج .
فأما التجزئة ، فهو أن يجزئوا ثلاثة أجزاء إذا كان المقصود عتق الثلث لأن مخرجه من ثلاثة ولو كان المقصود عتق الربع جزءوا أربعة أجزاء لأن مخرجه من أربعة .
[ ص: 43 ] ولو كان المقصود عتق النصف جزءوا جزأين ؛ لأن مخرجه من اثنين ثم على هذا .
وأما التعديل فمعتبر بأعداد العبيد وقيمهم ، وهم في العدد والقيمة على ستة أقسام :
أحدها : أن يوافق عددهم مخرج الثلث ، وتتساوى قيمهم ، فيكونوا في موافقة العدد ثلاثة ، أو ستة ، أو تسعة ، وتكون قيمة كل واحد منهم مائة درهم ، فإن كانوا ستة جعل كل اثنين جزءا ، وكان الجمع بين كل اثنين معتبرا برأي الحاكم ، فإن كان فيهم متناسبان أخوان أو أب وابن كان الجمع بينهما أولى من التفرقة وإن كان منهم أمتان ، فالجمع بينهما أولى من التفرقة ، وإن كان فيهم زوجان فالجمع بينهما أولى من التفرقة ؟ فإن فرق بين المتناسبين جاز إلا أن تكون أمة معها ولد صغير ، فلا يجوز أن يفرق بينهما في التجزئة ، لئلا تختلف أحكامهما ، فيفرق بينها وبين ولدها ، فتوله عليه ، وقد ورد النهي عنه . وإن فرق بين الزوجين ، ففي جوازه وجهان :
أحدهما : يجوز كجواز التفرقة بين الأخوين والأمتين .
والوجه الثاني : لا يجوز أن يفرق في التجزئة بين الزوجين ، وإن جاز أن يفرق فيها بين الأخوين ، ليجتمعا على الحرية والرق ، ولا يختلفان فيها ، فيفضي إلى فسخ النكاح المعقود في التفرقة بين الأخوين والأمتين . فإذا جزءوا أثلاثا ، وجمع بين كل جزأين اثنين كان الحاكم في الإخراج بين خيارين :
أحدهما : أن يكتب في الرقاع الأسماء ، ويخرج على الحرية والرق ، فيكتب سالما وغانما في رقعة ، ونافعا وبلالا في أخرى ، ونجاحا وإقبالا في الثالثة .
وهو فيما يقوله عند الإخراج من الحرية والرق بين أمرين :
أولاهما وأعجلهما إلى فصل الحكم : أن يقول : أخرج على الحرية ، فإذا خرج أحد الأجزاء أعتق من فيها ، ورق من في الجزأين الآخرين ؛ لأنه لم يبق للعتق ما يخرج لأجله .
والثاني : أن يقول : أخرج على الرق ، فإذا خرج أحد الأجزاء رق من فيه ، وبقي جزءان أحدهما رقيق ، والآخر حر وهو بين أمرين : إما أن يقول : أخرج على الرق ، فيرق من فيه ، ويعتق من في الجزء الثاني ، وإما أن يقول : أخرج على الحرية ، فيعتق من فيه ، ويرق من في الجزء الباقي .
[ ص: 44 ] والخيار الثاني : أن يكتب في الرقاع الحرية والرق ، ويخرج على الأسماء ، فيكتب في رقعة عتقا ، وفي رقعتين رقا .
ويقول : أخرج لسالم وغانم . فإن خرج لهما سهم الحرية عتقا ، ورق الأربعة الباقون ، وإن خرج لهما سهم الرق رقا ، وقال : أخرج لنافع وبلال فإن خرج لهما سهم العتق عتقا ، ورق الآخران ، وإن خرج لهما سهـم الرق رقا ، وعتق الآخران . فهذا حكم القسم الأول في تجزئته وإخراجه .