مسألة : قال
الشافعي ، رضي الله عنه : " أو لأمة فولدت علمنا أنها حرة وولدها ولد حرة لا أن القرعة أحدثت لأحد منهم عتقا يوم وقعت إنما وجب العتق حين الموت بالقرعة " .
قال
الماوردي : وصورتها : أن
يعتق في مرضه أمة فتلد ولدا ، فهذا على ثلاثة أضرب :
أحدها : أن يعتقها في جملة عبيد ، ويخرج عليها سهم العتق ، فولدها يجري مجرى كسبها ، وهو حر بحريتها .
والضرب الثاني : أن يعتقها في جملة عبيد ، ويخرج عليها سهم الرق ، فولدها يجري مجرى كسبها ، وهو مرقوق برقها .
والضرب الثالث : أن يعتقها وحدها ، وليس له مال غيرها ، فهذا على أربعة أضرب :
أحدها : أن يكون الحمل حادثا بعد عتقها ، ومولودا قبل موت سيدها ، فيكون في حكم الكسب المحض يعتق منه بقدر ما عتق منها ، ويرق منه بقدر ما رق منها ، ويدخل به دور يزيد في عتقها .
فإذا كانت قيمة الأم مائة درهم قبل الولادة وبعدها ، وقيمة الولد مائة درهم بعد ولادته عتق نصفها ، وعتق من ولدها نصفه ، تبعا لعتقها ، ورق للورثة نصفها ونصف ولدها ، وقيمة النصفين مائة درهم ، هي مثلا ما عتق من نصفها ، ولا يكتمل العتق بالقرعة في أحدهما ؛ لأنه عتق تلك الأم بمباشرة السيد ، فترك العتق في كل واحد منهما على انفراده .
[ ص: 61 ] والضرب الثاني : أن يكون الحمل موجودا وقت عتقها ، ومولودا قبل موت سيدها ، ففيه قولان من اختلاف قوليه في الحمل ، هل له من الثمن قسط أم لا ؟ فإن قيل : لا قسط له من الثمن ، وهو تبع كان كالحادث بعد عتقه ، فيكون على ما مضى من كونه جاريا مجرى كسبها ، ويعتق منه بقدر عتقها ، ويرق منه بقدر رقها ، ويدخل به دور يزيد في عتقها .
وإن قيل : إن للحمل قسطا من الثمن كان الحمل مباشرا بالعتق مثل أمه ، ويعتق من كل واحد منهما ثلثه ، ولا يدخل دور في زيادة عتقها ، وهل يقر عتق الثلث من كل واحد منهما أو يكمل بالقرعة من أحدهما ؟ على وجهين محتملين :
أحدهما : يكمل عتق الثلثين في أحدهما بالقرعة كما لو كان ذلك في عبدين .
والوجه الثاني : يقر عتق الثلث من كل واحد منهما ، ولا يكمل في أحدهما ؛ لأنه في حكم البائع لها .
والضرب الثالث : أن يكون الحمل حادثا بعد عتقها ، ومولودا بعد موت سيدها ، فلا يجري عليه حكم عتق المباشرة ، لحدوثه بعد العتق .
وهل يكون لهما كسبا أو تبعا ؟ على قولين : إن قيل : للحمل قسط من الثمن كان كسبا لها اعتبارا بعلوقه فيدخل به دور في زيادة عتقها ، ويكون رقه للورثة ميراثا ، فيعتق منها إذا كانت قيمة كل واحد منهما مائة درهم نصفها ، ويتبعها نصف ولدها تبعا لها ، ويرق للورثة نصفها ، ونصف ولدها ، وهو مثلا ما عتق منها .
وإن قيل : ليس للحمل قسط من البيع ، وهو تبع اعتبارا بولادته ، خرج من التركة ، ولم يدخل به دور في زيادة العتق ، وعتق ثلثها ، وعتق ثلث ولدها تبعا ؛ لأنه من كسبها ، ويكون لها ولاء ما عتق من ولدها ، ولسيدها ولاء ما عتق منها على القولين معا ، ورق ثلثاها للورثة ميراثا ، ورق ثلثا ولدها للورثة ملكا ، ولا يكمل العتق بالقرعة في أحدهما ، ويترك في كل واحد منهما على انفراده ؛ لأنه عتق من كسبها ، ولم يعتق على سيدها .
والضرب الرابع : أن يكون الحمل موجودا وقت عتقها ، ومولودا بعد موت سيدها ، فلا يكون الولد كسبا لها ، وفيمن تكون كسبا له قولان :
أحدهما : تكون كسبا للسيد ، إذا قيل : للحمل قسط من الثمن يضاف إلى تركته ، ويدخل به دور يزيد في العتق ، ويجريه في عمل الدور مجرى الكسب ، لتماثل العتق فيهما ، ولا يتفاضل ؛ لأنه لا يجوز أن تلد بحريتها مملوكا ، ولا برقها حرا فيعتق نصفها ونصف ولدها ، ويعتبر ما عتق منها في ثلث السيد ، ولا يعتق فيه ما عتق من ولدها ،
[ ص: 62 ] لأنه عتق عليه بالسراية من غير اختياره ، فصار كالتالف من تركته ، ويكون ولاء ما عتق من الولد لسيده دون أمه ، ويرق للورثة نصفها ونصف ولدها ميراثا ، وهو مثلا ما عتق منها .
والقول الثاني : يكون كسبا للأم والورثة بقدر الحرية والرق ، ولا تزيد به التركة ، ولا يدخل به دور في زيادة العتق ، فيعتق ثلثها ، وتبعها في الحرية ثلث ولدها ؛ لأنه من كسبها ، ويكون ولاء ما عتق منه لها دون سيدها ، ويرق للورثة ثلثاها ميراثا ، وثلثا ولدها كسبا .