مسألة : قال
الشافعي ، رضي الله عنه : ( فأما
كل ما كان للموصي أن يرجع فيه من تدبير وغيره فكله سواء " .
قال
الماوردي : وهذه المسألة مصورة في الوصايا بالعتق والعطايا بعد الموت ، وتنقسم ثلاثة أقسام :
أحدها : أن تشتمل على العتق وحده .
والثاني : أن تشتمل على العطايا وحدها .
[ ص: 66 ] والثالث : أن يجتمع فيها العتق والعطايا .
فأما القسم الأول : في اشتمالها على العتق وحده ، فعلى ثلاثة أضرب :
أحدها : أن يكون كله عتقا ، فيقول : اعتقوا عني سالما ، ثم يقول : اعتقوا عني غانما ، ثم يقول : اعتقوا عني زيادا ، فكلهم في الوصية بعتقهم سواء لا يقدم فيهم من قدم الوصية به ، بخلاف عتقه الناجز في مرضه الذي تقدم فيه من قدمه .
والفرق بينهما : أن
العتق بالوصايا مستحق بالموت الذي يتساوون فيه ، وفي المرض مستحق باللفظ الذي يقدمون به ، فلذلك قدم في المرض عتق الأول ، ولم يقدم في الوصية عتق الأول ، وأقرع بينهم إن عجز الثلث عنهم ، وأكساب جميعهم قبل الموت تركة .
والضرب الثاني : أن يكون كل عتقه تدبيرا ،
فيقول : إذا مت فسالم حر ، ثم يقول إذا مت فغانم حر ، ثم يقول : إذا مت فزياد حر ، ففيه وجهان :
أحدهما : أنهم يتقدمون في الثلث على ترتيب من قدم ، فيعتق الأول إن استوعب الثلث ، ورق الثاني والثالث .
ولو اتسع الثلث لاثنين عتق الأول والثاني ، ورق الثالث اعتبارا بالعتق في المرض ، ولا تستعمل فيهم القرعة ؛ لأنه عتق ناجز بالموت لا يقف على الورثة .
والوجه الثاني : وهو المذهب : أنهم سواء لا يتقدمون على الترتيب لوقوع ذلك بالموت الذي يتماثلون فيه .
فإن عجز الثلث عنهم ، ولم يتسع لجميعهم ففيه وجهان :
أحدهما : وهو المذهب : أنه يقرع بينهم ، ويعتق منهم من احتمله الثلث ، ويسترق من عجز عنه .
والوجه الثاني : أنه يعتق من كل واحد منهم قدر ما احتمله الثلث ، ويسترق باقيه ، ولا يقرع بينهم في تكميل الحرية .
فإن احتمل الثلث نصف قيمتهم عتق من كل واحد نصفه ، ورق نصفه ، وإن احتمل الثلث ربع قيمتهم عتق من كل واحد ربعه ، ورق ثلاثة أرباعه اعتبارا بالوصايا ، والأول أصح لفرق ما بين العتق والوصايا .
والضرب الثالث : أن يكون عتقه مشتملا على وصية بالعتق ، وعلى تدبير يتحرر بالموت ، ففيه قولان :
[ ص: 67 ] أحدهما : يقدم التدبير على العتق ، لتقدم نفوذه بالموت ، فإن استغرق الثلث بطل به عتق الوصية .
والقول الثاني : وهو الظاهر من المذهب : أنهما سواء ؛ لأن عتق جميعهم مستحق بالموت ، فإن ضاق الثلث عن جميعهم أقرع بينهم ، وفي القرعة وجهان :
أحدهما : يفرد كل فريق ، ويقرع بين عتق التدبير ، وعتق الوصية ، فإذا وقعت قرعة العتق على أحدهما ، وقد استوعب الثلث عتق ورق الفريق الآخر وصية كان أو تدبيرا .
والوجه الثاني : يجمع في القرعة بين الفريقين واستوعب بالثلث من وقعت القرعة عليه من كل واحد من الفريقين ، ورق من عداه من الفريقين .