مسألة : قال
الشافعي ، رضي الله عنه : "
ولو قال لعشرة أعبد له أحدكم حر سألنا الورثة فإن قالوا لا نعلم أقرع بينهم وأعتق أحدهم كان أقلهم قيمة أو أكثرهم " .
قال
الماوردي : وإطلاق قوله : لعشرة أعبد له ، أحدكم حر ، ولم يسمه ينقسم قسمين : أحدهما : أن يقصد بإطلاقه تعيين العتق في أحدهم ، فهو الحر من بينهم ، ويرجع إليه في بيانه منهم ، فإن بينه ، فقال : هو سالم عتق ، وكان بيانه خبرا ، ورق من سواه . فلو قال : هو سالم أو غانم رق من سواهما وأخذ ببيان من أراده منهما . ولو قال : هو سالم لا بل غانم عتقا معا ؛ لأنه صار راجعا عن سالم ، ومقرا بغانم فلزمه إقراره ، ولم يقبل رجوعه ، ورق من عدا سالما وغانما من عبيده ، فإن أكذبه أحدهم ، وادعى أنه هو المعين بالعتق أحلف له السيد ، وكان على رقه ، وإن نكل السيد ردت اليمين على العبد ، فإذا حلف عتق ، فإن فات بيان السيد حتى مات رجع بعده إلى بيان ورثته إن كان عندهم بيان ، وقام بيانهم مقام بيانه ؛ لأنهم في ماله بمثابته ، وإن لم يكن عند الورثة بيان ، فمذهب
الشافعي أنه يقرع بينهم ، ويعتق من قرع منهم ، ويسترق باقيهم ؛ لأن القرعة موضوعة لتمييز الحرية من الرق .
وذهب أصحابه إلى المنع من القرعة ، وتوقفهم على بيان قاطع ؛ لأن دخول القرعة يفضي إلى رق من أعتقه ، وعتق من أرقه ، وهذا فاسد ؛ لأن البيان فائت ، ووقوف أمرهم مضر بالحر في حق نفسه ، ومضر بالأرقاء في حقوق الورثة ، فلم ينتف الضرر في الجهتين إلا بالقرعة .