فصل : فإذا
ابتاع في مرضه من يعتق عليه من والد أو ولد كان ثمنه معتبرا من ثلثه كعتقه في مرضه ، فإن احتمله الثلث مع الابتياع عتق عليه ، واختلف أصحابنا في توريثه ، فذهب
أبو العباس بن سريج وجمهورهم إلى أنه لا يورث ؛ لأن عتقه لما اعتبر من الثلث كان وصية له ، ولا تجتمع الوصية والميراث .
وذهبت طائفة منهم
أبو الحسين بن اللبان الفرضي إلى أنه يورث ؛ لأن المعتبر من الثلث هو الثمن ، وهو حق للبائع ، فخرج أن يكون وصية لهذا المعتق ، فإن ضاق الثلث عن ثمنه ، ولم يملك غيره ففيه وجهان :
[ ص: 75 ] أحدهما : يمضي البيع في جميعه ، ويعتق عليه ثلثه ، ويرق ثلثاه لورثته ، ليصير لهم مثلا ما عتق منه ، فإن كان ممن يعتق عليهم عتق من ملكهم ، وكان لهم ولاء ثلثيه ، وللمورث ولاء ثلثه . وإن كانوا ممن لا يعتق عليهم كان ثلثاه باقيا على رقهم .
والوجه الثاني : أنه يمضي البيع في ثلثه ويفسخ في ثلثيه إذا رضي البائع بتفريق الصفقة عليه ، فإن لم يرض بتفريقها ، ففي فسخه وجهان : من اختلاف الوجهين في عتقه : هل وقع بالعقد أو بعد استقراره ؟
أحدهما : ليس له الفسخ إذا قيل : إن العتق وقع بالعقد .
والوجه الثاني : له الفسخ إذا قيل إن العتق وقع بعد استقرار العقد .
فإن جوز له الفسخ ففسخ عاد رقيقا إلى ملك البائع ، وعاد إلى الورثة جميع الثمن .
وإن منع من الفسخ أمضى البيع في ثلثه ، وعتق على مشتريه ، وفسخ البيع في ثلثيه ، ورد على بائعه ، واسترجع منه ثلثا الثمن ، ولم يجعل لهم ثلثا الرقبة ؛ لأنهم لا يملكون بالميراث إلا ما ملكه الموروث ، والموروث لا يجوز أن يستقر ملكه عليه ، فلم يستقر ملك ورثته عليه ، فلذلك عدل عن توريث رقبته إلى توريث ثمنه ، وإن كان ثلثاه مسترقا في الحالين .