الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : ولا يجوز بيع الولاء ولا هبته ، ولا الوصية به ، وهو قول الجمهور . وحكي عن عروة بن الزبير ، وسعيد بن المسيب ، والأسود وعلقمة ، والشعبي ، والنخعي ، أن بيع الولاء وهبته والوصية به جائزة ، وأضافوه إلى ابن عباس لما رواه عمرو بن دينار قال وهبت ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنها ، ولاء سليمان بن يسار لابن عباس ، وكان مكاتبا لها ، وابن عباس ابن أختها .

وروى هشام بن عروة عن أبيه أنه اشترى ولاء طهمان وبنيه لبني أخيه مصعب بن الزبير .

وروي عن أبي بكر بن عمرو بن حزم أنه أعتق عبدا له ، ووهب ولاءه لابنه محمد ، وأشهد زيد بن ثابت .

وروى أبو بكر بن عمرو بن حزم أن امرأة من حصن محارب وهبت ولاء عبد لها لنفسه ، وأن المولى وهب ولاء نفسه لعبد الرحمن بن عمرو بن حزم ، فلما توفيت المرأة خاصم ورثتها المولى إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه فدعا المولى بالبينة على ما قال ، فقال له عثمان : وال من شئت ، فوالى عبد الرحمن بن عمرو .

وهذا قول يبطل بالنص الذي رويناه عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أنه نهى عن بيع الولاء وهبته " ، وبقوله : الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب .

وبما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : من تولى غير مواليه فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه .

وروي أن حمزة بن عبد الله بن عمر سأل أباه عبد الله عن شراء الولاء ، فقال عبد الله : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تبيعوا الولاء ولا تأكلوا ثمنه .

وروي عن علي عليه السلام أنه قال : " الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب قروه حيث جعله الله عز وجل " .

وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : ( الولاء نسب ، أيبيع الرجل نسبه ) .

فأما ما رووه من الآثار ، فلا يعارض ما رويناه من نصوص الأخبار ، ولعلها كانت على وجوه لا تعرف عللها ، وقد أنكرها الزهري وأنشد :


فباعوه مملوكا وباعوه معتقا فليس له حتى الممات خلاص

التالي السابق


الخدمات العلمية