مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : ( ولو
قال شريكان في عبد متى متنا فأنت حر لم يعتق إلا بموت الآخر منهما ) .
قال
الماوردي : وأصل هذا أن
التدبير يصح في العبد كله ، وفي بعضه من مالك الكل ، ومالك البعض ، فإذا
قال الرجل لعبد بينه وبين شريكه : إذا مت فأنت حر ، عتق
[ ص: 109 ] ملكه منه بموته ، ولم يقوم عليه حصة شريكه موسرا مات ، أو معسرا . ولا تقويم بعد الموت ؛ لأنه بعد الموت غير
مالك فصار كالمعسر .
ولو
قال لعبد يملك جميعه : إذا مت فنصفك حر انعقد التدبير في نصفه ، وفي سراية التدبير إلى نصفه الباقي قولان :
أحدهما : يسري إليه ويصير جميعه مدبرا ؛ لأنه لما سرى العتق ، سرى السبب المفضي إلى العتق .
والقول الثاني : وهو المنصوص عليه ، أن التدبير لا يسري وإن كان العتق يسري لأن التدبير أضعف من العتق فضعف عن السراية .
فعلى هذا يكون نصفه مدبرا ، ونصفه رقا قنا فإذا مات السيد عتق نصفه بموته عن تدبيره وفي عتق نصفه الباقي وجهان من اختلاف وجهتي أصحابنا في سراية عتق الحي إلى بقية ملكه . هل تسري بلفظه أو بعد استقرار عتقه . على وجهين :
أحدهما : تسري بلفظه ، فعلى هذا يصير جميع العبد حرا ، يعتق منه نصفه تدبيرا ، ونصفه سراية ، ويكون الفرق بين أن يجعل التدبير في الحياة ساريا ، وبين أن يجعل العتق بالموت ساريا ، يتصور تأثيره إذا رجع في تدبير نصفه فإن جعلنا العتق ساريا كان نصفه الباقي مدبرا ؛ لأن الرجوع لا يسري وإن كان التدبير يسري ، وإن لم يجعل التدبير ساريا إلى جميعه ، صار بالرجوع في تدبير نصفه عبدا قنا ، لا يعتق بموته .
والوجه الثاني : أن عتقه في الحياة لبعضه يسري إلى جميعه بعد استقرار عتقه في بعضه . فعلى هذا لا يعتق عليه بالتدبير بعد الموت إلا نصفه ، ويكون نصفه الباقي مرقوقا لورثته .
ولو
كان عبدا بين شريكين ، فدبر أحدهما حصته ، ثم عجل الآخر عتق حصته ، نظر في حصة المدبر . فإن رجع في تدبيره قومت على المعتق حصة المدبر ، إذا كان موسرا بها وعتق عليه جميعه لزوال التدبير بالرجوع عنه .
وإن كان التدبير على حاله باقيا في حصة المدبر ففي تقويمهما على المعتق قولان : أحدهما : يعتق عليه ، ويقوم في حقه ، لبقائها على الرق حكما .
والقول الثاني : تكون باقية على التدبير ولا تقوم على المعتق لما استقر فيها قبل عتقه من عتقها في حق المالك بتدبيره . ولو كان العبد بين شريكين ، فدبر أحدهما حصته دون شريكه ، صح التدبير في حصته ، وفي تقويم حصة شريكه عليه قولان :
[ ص: 110 ] أحدهما : وهو قول
مالك وأبي حنيفة ، يقوم عليه إذا كان موسرا بها ؛ لأنه سبب يفضي إلى لزوم عتقه كاملا بحصته .
والقول الثاني : وهو المنصوص عليه ، لا تقوم عليه حصة الشريك ؛ لأنه كالعازم على عتقه ، وهو بعد التدبير باق على أحكام رقه ، فإذا قيل بالأول أنه تقوم عليه حصة الشريك ففيها بعد التقويم وجهان :
أحدهما : وهو قول
أبي علي بن أبي هريرة : يكون رقا قنا ، ولا يصير مدبرا بالسراية ، حتى يدبرها ؛ لأن المقصود في التقويم إزالة الضرر عن الشريك ، فعلى هذا إذا مات السيد عتقت بموته الحصة التي دبرها ، وفي سراية عتقه إلى باقيه وجهان : والوجه الثاني : وهو قول
أبي حامد الإسفراييني ، أنها تصير مدبرة بسراية التدبير إليها ، وإن لم يتلفظ بتدبيرها ، فيكون جميعه مدبرا .
وإذا قيل بالثاني : أنه لا يقوم على من دبر حصته من لم يدبر ، كان نصفه مدبرا ، ونصفه رقا قنا .
فإن عجل المدبر عتق حصته قبل موته ، قومت عليه حصة شريكه ، وعتق عليه جميعه ، ولو أعتق غير المدبر حصته عتقت وفي تقويم الحصة المدبرة عليه قولان على ما مضى .