مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ولو أن
سيده ارتد فمات كان ماله فيئا والمدبر حرا " .
[ ص: 118 ] قال
الماوردي : ولهذه المسألة أصل ، وهو أن
الردة هل يزول بها ملك المرتد أم لا ؟ على ثلاثة أقاويل :
أحدها : إن ملكه لا يزول بردته ما بقي حيا حتى يموت ، أو يقتل فيصير فيئا .
والقول الثاني : إن ملكه قد زال بالردة فإن عاد إلى الإسلام ملكه ملكا مستجدا .
والقول الثالث : إن ملكه موقوف مراعى فإن عاد إلى الإسلام علم بقاؤه على ملكه ، وإن مات أو قتل على الردة ، علم زواله عن ملكه بالردة ، فإذا تقررت هذه الأقاويل ، ودبر المسلم عبدا ، ثم ارتد فإن قيل إن ملكه لم يزل بالردة كان تدبيره باقيا بعد الردة . فإن مات ، أو قتل مرتدا ، عتق بموته فصار باقي ماله في بيت المال فيئا ، وكان ولاء مدبره لكافة المسلمين .
وإن قيل : إن ملكه قد زال عنه بالردة ففي إبطال تدبيره وجهان :
أحدهما : قد بطل ؛ لأنه لا يبقى بعد زوال الملك تدبير ، فإن قيل بالردة لم يعتق المدبر ، وكان على رقه لكافة المسلمين ، وإن عاد للإسلام عاد المدبر إلى ملكه ، وفي عوده إلى التدبير ما ذكرناه إن أجري مجرى الوصية لم يعد إلى التدبير ، وإن أجري مجرى العتق بالصفة ، كان في عوده إلى التدبير قولان .
والوجه الثاني : أن تدبيره لا يبطل وإن زال ملكه بالردة ، لأمرين :
أحدهما : إن عقد تدبيره في ملك يجوز فيه تصرفه ، فثبت حكمه كسائر عقوده المتقدمة على ردته .
والثاني : أنه قد صار فيه للعبد حق يعتق به ، فلم يبطل عليه بردة غيره . وإن مات السيد على ردته ، أو قتل بها ، عتق مدبره إن خرج من ثلثه وإن عجز عنه الثلث ، ولم يملك سواه ففي عتقه وجهان :
أحدهما : - وهو قول البصريين - يعتق ثلثه ، ويرق ثلثاه لكافة المسلمين لأنهم يقومون في ماله مقام ورثته ، فلم يعتق في حقهم إلا أن يصل إليهم مثلاه .
والوجه الثاني : وهو قول البغداديين ، والأظهر عندي أنه يعتق جميعه ، وإن لم يصل إلى المسلمين مثلاه ؛ لأن مال المرتد ينتقل إليهم فيئا لا إرثا ، والثلث معتبر في الميراث دون الفيء .