مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : "
ولا يجوز على التدبير إذا جحد السيد إلا عدلان " .
[ ص: 124 ] قال
الماوردي : وهو كما قال ، وليس يخلو جحود التدبير ، إذا ادعاه العبد أن يكون مع السيد أو مع وارثه .
فإن كان الجاحد للتدبير هو السيد ، فالمجحود مختص بعقد التدبير مع اتفاقهما على بقاء الوقت ، فإن أراد السيد بجحوده تعجيل بيعه ، لم يكن لجحوده تأثير تسمع به بينته ، أو يؤخذ فيه بيمين لأن له إبطال تدبيره ببيعه ، وإن اعترف به فلم يستفد العبد بدعوى التدبير ما يمنع من البيع وإبطال التدبير به ، وإن أراد أن يستبقيه على ملك ، سمعت دعواه على السيد بتدبيره لما يستفيده من العتق بموته ، فإذا جحد السيد تدبيره كان قوله في الجحود مقبولا ؛ لأنه منكر لعقد مدعى فإن جعل التدبير جاريا مجرى العتق بالصفة ، لم يكن جحود السيد رجوعا فيه ؛ لأنه لا يصح الرجوع فيه بالقول ، فلم يصح الرجوع فيه بالجحود وكلف العبد البينة . وبينته شاهدان عدلان ، ولا يسمع منه شاهد وامرأتان وإن سمعه
أبو حنيفة ، ولا شاهد ويمين ، وإن سمعه مالك ؛ لأنها بينة على عقد تفضي إلى العتق ومذهب
الشافعي أن
العتق وما أفضى إليه لا يسمع فيه إلا عدلان .
فإذا أقام البينة ، حكم له بالتدبير ، وإن عدم البينة كان له إحلاف سيده بالله ما دبره ، وسقط حكم التدبير بيمينه ، وإن نكل عن اليمين ردت على العبد . فإن حلف ثبت تدبيره ، وإن نكل بطل . وإن جعل التدبير جاريا مجرى الوصايا في جواز الرجوع فيه بالقول فقد اختلف أصحابنا
هل يكون جحوده رجوعا فيه أم لا ؟ على وجهين : أحدهما : يكون رجوعا فيه لاشتراكهما في المقصود ، فعلى هذا لا تسمع للعبد بينة ولا تجب على السيد يمين .
والوجه الثاني : وهو منصوص
الشافعي لا يكون الجحود رجوعا ، والبينة عليه مسموعة ، واليمين عليه واجبة .
قال
الشافعي : ارجع في تدبيره ، وقد سقط عنك اليمين . فصرح بأن الجحود ليس برجوع ؛ لأن جحود الشيء لا يكون رجوعا عنه ، ألا ترى أن جحود الردة لا يكون رجوعا إلى الإسلام ، وجحود النكاح لا يكون إيقاعا للطلاق .