الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا ثبت أن كتابة الصبي لا تصح كالمجنون ، فكتابة السيد كانت كتابة باطلة ، وعتق فيها بالأداء لوجود الصفة ؛ لأن كتابته اشتملت على عقد وهو قوله : كاتبتك ، وعلى صفة وهو قوله : فإذا أديت إلي آخرها فأنت حر ، فإذا بطل حكم العقد بقي حكم الصفة ، فلذلك عتق بها .

قال ابن أبي هريرة : وبطلان هذه الكتابة مع الصبي يسلبها حكم الصفة ، وحكم الفساد ، وتأثير هذا القول يكون في حكمين :

أحدهما : أن الصبي فيها إذا عتق بالأداء لم يرجع السيد عليه بقيمته إن كان المؤدى أقل منها ولا يرجع الصبي إذا عتق بالزيادة على القيمة إن كان المؤدى أكثر منها ، ولو فسدت الكتابة مع العبد البالغ العاقل استحق السيد عليه قدر قيمته فإن كان المؤدى أكثر منها رد الزيادة . وإن كان أقل منها رجع بالبقية .

والحكم الثاني : أن الصبي إذا عتق فيها بأداء مال الكتابة وبقي في يده فضل كان للسيد أن ينتزعه منه ، ولو كان بالغا عاقلا لم يكن له انتزاعه منه .

[ ص: 144 ] والفرق بين الصبي والبالغ في هذين الحكمين أن البالغ من أهل العقود ، فجاز أن يلتزم أحكامها ، وليس الصبي من أهل العقود فلم يلتزم أحكامها .

ألا ترى أن البالغ لو هلك في يده ما قبضه عن بيع فاسد ضمنه بالقيمة .

ولو هلك في يد الصبي لم يضمنه ، كذلك وجب أن يفترقا في الكتابة .

التالي السابق


الخدمات العلمية