فصل : فإذا تقررت هذه المقدمة فصورة المسألة في
رجل كاتب عبده وباعه دارا بألف ، فإن فصل مال الكتابة من ثمن العبد ، صحت الكتابة لتميزها ، فأما بيع الدار فينظر فيه فإن قدمه في العقد على لفظ الكتابة بطل البيع ، وإن صحت الكتابة لتقدم العقد عليها وهو عبد وما يبيعه السيد على عبده باطل .
وإن قدم في العقد لفظ الكتابة على لفظ البيع نظر ، فإن كان العبد قد بدأ فطلب
[ ص: 157 ] الكتابة قبل إجابة السيد صح البيع إذا قبله العبد ، لأن الكتابة قد تجب بطلب العبد وإجابة السيد وصار السيد مستأنفا بعدها لمبايعة مكاتبه بالبذل ، وبيع السيد على مكاتبه جائز كجوازه مع غيره ، ووقف تمام البيع بعد بذل السيد على قبول المكاتب ، وإن لم يكن العبد قد ابتدأ بطلب الكتابة ، وابتدأ السيد ببذلها فعقد الكتابة لم يتم لوقوفه على قبول المكاتب .
وإذا كان كذلك صار مبايعا لعبده لا لمكاتبه ، فبطل البيع وصحت الكتابة .
فهذا حكم العقد في الكتابة والبيع إن فصل الكتابة من ثمن الدار .
، فأما إن جمع بينهما في العقد على الإطلاق ، من غير تفصيل فهو مبني على الأصل الذي قدمناه .
فإن قلنا : إن ما جمعه العقد من المختلفين في الحكم باطل ، بطل العقد هاهنا في الكتابة ، والبيع .
وإن قلنا : إنه جائز فيهما جميعا أثبتنا حكم العقد فيهما هاهنا على ما قدمناه من تفصيل المعوض فيهما ، وهو أن ينظر في عقده فإن قدم فيه ذكر الكتابة على ذكر البيع ، صح العقد فيهما بصحة الكتابة بتقدمها فصح البيع بعدها وتقسط الألف على قيمة الدار وكتابة المثل ، فما قابل قيمة الدار منها كان ثمنا ، وما قابل كتابة المثل كان مالا في الكتابة ، فيجري على كل واحد منهما حكمه لو انفرد ، وإن قدم في العقد ذكر البيع على ذكر الكتابة بطل البيع ، لأنه صار فيه مبايعا لعبده ، وفي بطلان الكتابة قولان من تفريق الصفقة :
أحدهما : تبطل الكتابة لبطلان البيع ، إذا منع من تفريق الصفقة .
والقول الثاني : تصح الكتابة وإن بطل البيع إذا - أجيز تفريق الصفقة .
فعلى هذا فيما يقيم به العبد على الكتابة قولان :
أحدهما : يقيم عليها بجميع الألف وإلا فسخ .
والثاني : يقيم عليها بقسطها من كتابة المثل وقيمة الدار إذا قوبلتا بالألف .