مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ولو كاتب عبدا كتابة فاسدة فأدى عتق ورجع السيد عليه بقيمته يوم عتق ورجع على السيد بما دفع ، فأيهما كان له الفضل رجع به .
قال
الماوردي : والعتق ضربان : ناجز ، وعلى صفة .
فأما
الناجز فهو ما كان وقوعه مقترنا بلفظ المعتق فيقع باتا لا رجوع فيه بعد نفوذه .
وأما
المعلق بصفة فضربان : صفة محضة ، وصفة معاوضة .
فأما
الصفة المحضة . فكقوله : إذا دخلت الدار فأنت حر ، وإذا قدم زيد فأنت حر ، فإذا وجدت الصفة بدخول الدار وبقدوم زيد وقع العتق .
وهكذا لو قال لعبده : إذا دفعت إلي ألف درهم فأنت حر ، كان عتقا بصفة ، ولم يكن عتق معاوضة وإن وقع العتق بدفع مال ، لأن المال للسيد لا يملكه العبد بهذا القول ولا يملك التصرف لنفسه ، بخلاف المكاتب ، فمتى دفع الألف كاملة عتق بها ، لكن إن قال : إذا دفعت إلي ألفا فأنت حر كان الدفع على الفور . فإذا دفع في مجلسه عتق وإن تراخى لم يعتق .
وإن قال : متى دفعت إلي ألفا فأنت حر ، كان دفعها على التراخي ، فمتى دفعها عاجلا ، أو آجلا عتق بها . وإذا كان عتقه بهذه الصفة واقعا بدفع جميع الألف فليس
[ ص: 168 ] هذا بعقد معاوضة ، يعتبر فيه شروط الصحة وإنما يراعى فيه مخرج القول من مالك ، جاز الأمر فإذا
علق عتقه بهذه الصفة تعلق به ستة أحكام :
أحدها : لزوم حكمه للسيد والعبد ، فلا يجوز للسيد فسخه ولا للعبد رفعه ، ولا أن يجتمعا على فسخه ، لأن الصفات لا يلحقها فسخ .
والثاني : أنه لا يصح الإبراء من هذا المال ، لأن الإبراء متوجه إلى ما في الذمة ، وهذا المال غير ثابت في الذمة .
والثالث : أنه متى مات السيد بطلت الصفة ، ولم يعتق العبد بدفع الألف إلى غيره ، لأنه لم توجد صفة قوله : إن دفعت إلي .
والرابع : أن العبد لا يملك بها كسب نفسه ، وأكسابه تكون لسيده لأنه لم يجر بينهما عقد يوجب تملك الكسب .
والخامس : أن ما فضل في يد العبد بعد عتقه بدفع الألف فهو لسيده ، لأنه كان مالكا له قبل العتق فلم يزل ملكه عنه بالعتق .
والسادس : أنه لا تراجع بين السيد وعبده بعد العتق ، لأنه معتق بصفة لم يتضمنها عقد معاوضة .