مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " فإن
أبطل السيد الكتابة وأشهد على إبطالها أو أبطلها الحاكم ثم أداها العبد لم يعتق ، والفرق بين هذا وقوله : إن دخلت الدار فأنت حر ، أن اليمين لا بيع فيها بحال بينه وبينه ، والكتابة كالبيع الفاسد إذا فات رد قيمته " .
قال
الماوردي : وهذا فيما قدمنا ، في الأحكام الستة وقلنا : إن للسيد إبطال الكتابة الفاسدة حتى لا يعتق العبد فيها بالأداء وإن لم يكن له إبطال العتق بالصفة لما ذكرناه من الفرق بينهما . وإذا أراد السيد إبطال الكتابة الفاسدة ، كان مخيرا بين إبطالها بنفسه وبين أن يرفعها إلى الحاكم ، حتى يحكم بإبطالها ، فإن أراد إبطالها بنفسه ، جاز أن يبطلها بمشهد العبد وغيبته فيقول : قد أبطلت كتابة عبدي ، أو نقضتها وفسختها بلفظ مسموع يشهد به على نفسه ، وليست الشهادة شرطا في إبطالها ، لأنها وثيقة تراد لقطع التجاحد ، فإن نوى إبطالها لم تبطل ، لأنه لا تأثير للنية في إثبات عقد ، ولا في إبطاله ، وإن رفعها إلى الحاكم لم يكن له إبطالها إلا بعد ثبات فسادها عنده ، ومسألة
[ ص: 172 ] السيد له أن يبطلها عليه ، فيجوز له حينئذ أن يحكم بإبطالها ، ويقوم ذلك مقام إبطال السيد لها ، فإن حكم الحاكم بفسادها لم يكن ذلك إبطالا لها لفسادها قبل حكمه ، وإبطالها هو الذي يرفع العتق فيها بالأداء ، فإن كان المكاتب هو الذي سأل الحاكم أن يحكم ببطلانها لم يكن للحاكم إجابته إلى ذلك ، لأنه حق يختص بالسيد لا يملكه المكاتب وإنما يملك الامتناع من الأداء .