فصل : فإذا تقرر أمره في الكسب على ما وصفنا من مهايأة أو اشتراك لم يخل حاله من أحد أمرين :
إما أن يؤدي فيعتق أو يعجز فيرق .
فإن عجز ورق صار جميعه مرقوقا ، وما أخذه المصدق من أدائه الذي لم يعتق به يكون مختصا به لا حق فيه لأخيه المكذب ؛ لأنه قد أخذ من ذلك الكسب ما قابل حقه ، وإن أدى وعتق صار نصفه حرا ، ونصفه مملوكا ، ولا يقوم على المصدق ، وإن كان موسرا ، لأنه لم يستأنف العتق ، وإنما التزم فعل غيره فيه فصار كعبد ادعى بعد موت سيده أنه أعتقه فصدقه أحد ابنيه وكذبه الآخر عتقت حصة المصدق ، ولم تقوم عليه حصة المكذب ، ثم الكلام بعد نفوذ العتق في نصفه يشتمل على فصلين :
أحدهما : في الولاء .
والثاني : في الميراث .
فأما الولاء في النصف الذي انعتق فيكون للأب ، لأنه عتق عن كتابته ، وهل ينفرد به المصدق ، أو يكون بينهما على وجهين :
[ ص: 177 ] أحدهما : وهو الظاهر من قول
أبي إسحاق المروزي أنه يكون بينهما ، لأنه ولاء ملكه للأب فانتقل عنه فوجب أن يشترك فيه ابناه ، ولا يختص به أحدهما كما لو تحرر عتق جميعه .
والوجه الثاني : وهو اختيار
أبي حامد الإسفراييني أنه
يختص المصدق بولاء النصف كله ، لأن أخاه قد كان قادرا على أن يملك ولاء النصف الباقي لو صدق ، وقد صار إليه بالتكذيب رق باقيه ، فلم يملك الولاء في حق أخيه ، وجرى مجرى أخوين حلف أحدهما على دين لأبيه مع شاهد أقامه ونكل الآخر ، اختص الحالف منهما بالنصف الذي حلف عليه من الدين ، ولم يشاركه الأخ فيه وإن كان شريكا في تركة أبيه ، لأنه قد كان قادرا على مثل ما صار إلى أخيه لو حلف .
وأما الميراث في موت هذا الذي قد عتق نصفه ورق نصفه ففيه قولان :
أحدهما : أنه لا يورث ما لم تكمل حريته ، فعلى هذا يكون ملكا للمكذب المالك لرق نصفه .
والقول الثاني : أنه يكون موروثا بقدر حريته ، فيكون نصفه للمكذب ملكا بحق الرق ، والنصف المقابل لحريته لولده إن كان له ، لأن النسب في الميراث مقدم على الولاء ، فإن لم يكن له وارث مناسب انتقل بالولاء إلى مالك الولاء ، فإن جعلناه بين الأخوين المصدق منهما والمكذب كان ميراث النصف بينهما ، لكون الولاء لهما ، واختص المكذب بالنصف الآخر ملكا ، وإن جعلناه للمصدق كان ميراث النصف له خاصة ، وصار ما خلفه العبد بينهما شركة ، نصفه بالملك للمكذب ونصفه بالإرث للمصدق .