الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " وإن مات وله مال حاضر وولد مات عبدا ولا يعتق بعد الموت " .

قال الماوردي : وأصل هذه المسألة أن عقد الكتابة لازم من جهة المكاتب ، فإن أراد السيد الفسخ ، لم يكن له ذلك إلا بالعجز كالبيع الذي لا يفسخ بعد لزومه إلا بعيب إذا أراد المكاتب الفسخ لم يملكه ولكنه يملك الامتناع من الأداء حتى يستحق به السيد الفسخ .

وقال مالك وأبو حنيفة : عقد الكتابة لازمة من جهة المكاتب كلزومها من جهة السيد ، ويجبر المكاتب على الأداء إذا وجد وفاء ، وإن لم يجد فقد اختلفا في إجباره على الكسب ، فقال مالك : يجبر عليه .

وقال أبو حنيفة : لا يجبر عليه .

واستدلا على لزومه من جهة المكاتب بأمرين :

أحدهما : أن عقد المعاوضة إذا لزم من أحد طرفيه لزم من الطرف الآخر كالبيع .

والثاني : أن العوض إذا كان في مقابلة العتق لزم كما لو باع العبد على نفسه بألف لزمته الألف .

ودليلنا شيئان :

أحدهما : أن المال إذا لزم صح ضمانه ، وضمان مال الكتابة عن المكاتب لا يصح ، فدل على أنه ليس بلازم .

والثاني : أن المال إذا كان في مقابلة العتق لم يلزمه بدله ، كما لو قال لعبده : إن دفعت إلي ألفا فأنت حر ، لم يلزمه دفع الألف ، وأما استدلالهم بلزوم الثمن في البيع ، فلأن جواز ضمانه دليل على لزومه ، وضمان مال الكتابة لا يصح ، فدل على عدم لزومه .

وأما استدلالهم ببيع العبد على نفسه .

فالجواب عنه ما ذكرناه من جواز ضمانه . والله أعلم بالصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية