فصل :
ويستحب له إذا أراد استقبال القبلة أن يحول رداءه وينكسه ، وتحويله أن يجعل ما على عاتقه الأيمن على عاتقه الأيسر وما على عاتقه الأيسر على عاتقه الأيمن وتنكيسه : أن يجعل أعلاه أسفله ، وأسفله أعلاه .
وقال
مالك : يحول ولا ينكس .
وقال
أبو حنيفة : لا يحول ولا ينكس .
والدلالة عليهما ما رواه
عبد الله بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى وعليه خميصة سوداء فأراد أن يجعل أسفلها أعلاها فثقلت عليه فحولها فثبت عنه التحويل ، ونبه على التنكيس ؛ لأنه تركه لعذر ، ولأن في التحويل تفاؤل بالانتقال من حال إلى حال ، لعل الله أن ينقلهم من حال القحط إلى حال السعة والخصب .
قال
الشافعي رضي الله عنه : " ويكون من دعائهم " اللهم أنت أمرتنا بدعائك ووعدتنا إجابتك فقد دعوناك كما أمرتنا فأجبنا كما وعدتنا اللهم فامنن علينا بمغفرة ما قارفنا وإجابتك
[ ص: 520 ] إيانا في سقيانا وسعة رزقنا " ثم يدعو بما يشاء من دين ودنيا ويبدءون ويبدأ الإمام بالاستغفار ويفصل به كلامه ويختم به ، ثم يقبل على الناس بوجهه فيحضهم على طاعة ربهم ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، ويدعو للمؤمنين والمؤمنات ويقرأ آية أو آيتين ويقول أستغفر الله لي ولكم ثم ينزل " .
قال
الماوردي : وقد روى
ابن المسيب أن
عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، استسقى فكان أكثر دعائه الاستغفار ، وقال
علي بن أبي طالب رضي الله عنه : إني لأعجب ممن يبطئ عليه الرزق ومعه مفاتيحه ، فقيل له : وما مفاتيحه ؟ فقال : الاستغفار ، وحكي عن بعض العرب الجفاة أنه استسقى فقال :
رب العباد ما لنا وما لكا قد كنت تسقينا فما بدا لكا أنزل علينا الغيث لا أبا لكا
قال
أبو العباس المبرد معناه : أشهد أن لا أبا لك ، فهذا وإن كان في لفظة جفاء فهو في معنى الدعاء صحيح ، فإذا فرغ من الدعاء استقبل الناس وأتى بباقي الخطبة ثم قال : أستغفر الله لي ولكم ، وهو على ما كان عليه من الرداء وتحويله ، وكذلك الناس معه حتى نزعوها متى نزعها ، ويختار أن يقرأ عقيب دعائه بقوله :
قد أجيبت دعوتكما فاستقيما [ يونس : 89 ] . وقوله تعالى :
فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر [ الأنبياء : 84 ] . وقوله تعالى :
فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين [ الأنبياء : 88 ] . وما أشبه ذلك من الآيات تفاؤلا لإجابة الدعوة .